موسيقى
«إلى عاصي» أولاً ودائماً



استناداً إلى الوضع الخاص الذي عالجناه قي المقالة أعلاه، كان لا بدّ من حصر اقتراحات الهدايا الموسيقية بالإنتاج المحلّي، مع الحاجة للعودة إلى عناوين غير جديدة بسبب الشحّ (أقلّه في الوسائط الماضية) الذي يسود النشاط الموسيقي للأسباب التي تعرفونها. خيارنا الأول، كان وسيبقى ألبوم «إلى عاصي». إنّه تاج الموسيقى العربية، بكل أنماطها، وقمّة عالمية في فئة الأغنية الشعبية. وهذه التحفة، لكي تكون في القمّة، احتاجت ثلاثة مولّدات فائقة الطاقة لترفعها إلى هذا المصاف: عاصي الرحباني (اللحن)، فيروز (الصوت) وزياد الرحباني (التوزيع). صدر «إلى عاصي» قبل ربع قرن وهو تحية من زياد لوالده عاصي الراحل عام 1986، استعاد فيه ألحان الأخوين رحباني بتوزيع جديد ووضعت فيروز صوتها الذي كان يمر في حينها بمرحلة ماسيّة في النضج والطاقة. نشير إلى أن الألبوم طُبِع أيضاً على أسطوانات «33 دورة» قبل بضع سنوات (علبة من ديسكَين)، لمن يهوى هذا الخيار.


موسيقى فيلمين لرندة الشهال


نبقى عند زياد الرحباني، نتيجة تحيّزنا، لا له، بل للجمال وللمسؤولية تجاه الذائقة العامة، ونعيد التذكير بإصداره الأخير، السنة الماضية، الذي جمع فيه المقطوعات الموسيقية التي وضعها لفيلمَي الراحلة رندة الشهّال «متحضّرات» و«طيارة من ورق». هذه المقطوعات، صحيح أنها تحمل وظيفةً تصويرية ضمن حبكة سينمائية، لكن معظمها يتمتّع بشخصية موسيقية مستقلّة ومتينة، ما يسمح بالاستمتاع بها خارج الإطار الذي كُتِبَت له (متوافر في «مكتبة أنطوان»).

ريبال ملاعب: سنواتي في فيينا


من الإصدارات المحترمة، أقله نمطاً، التي تأكدنا من صدورها على وسيط مادي يمكن أن يشكل خياراً في الهدايا الموسيقية، واحدٌ يحمل توقيع عازف الفيولا اللبناني الشاب ريبال ملاعب الذي يندرج نشاطه ضمن الكلاسيك الغربي. ملاعب بدأ دراسته في لبنان قبل أن يكملها في النمسا (2010 — 2018)، وألبومه عبارة عن التفاتة موسيقية لتلك المرحلة تحت عنوان «سنواتي في فيينا» وفيه عملان من تأليفه وسوناتة للفيولا والبيانو (تشارك اليابانية ناناكو بول في الأداء) لكلٍّ من الألمانيَّين يوهانس برامز وباول هينديميت ومتتالية للفيولا المنفرِد لمواطنهما ماكس ريغِر.

جاهدة وهبه: أرض الغجر


تهتم الفنانة جاهدة وهبه بالشعر بقدْر ما تهتم بالمغنى والموسيقى، فتبحث فيه وتكتبه، إذ ما من إصدار لها لا تشكّل فيه القصيدة ركناً إلى جانب الغناء أو الموسيقى بشكل عام. فهي تفتّش عن الشعراء المعاصرين وتختار من قصائدهم بالتوازي مع رجوعها إلى قديم الشعر العربي عموماً، كما في ألبومها الأخير «أرض الغجر» الذي غنّت فيه كلمات طلال حيدر وجرمانوس جرمانوس وماجدة داغر وأبو القاسم الشابي وغيرهم. يحوي العمل 8 أغنيات بالإضافة إلى مقطوعة موسيقية، وقد شاركت فيه وهبه كتابةً كما في تلحين معظم العناوين، إلى جانب مساهمة لكلٍّ من شربل روحانا وميشال فاضل.

■ ■ ■

كتب

«ذاكرة» إدواردو غاليانو


لا يمكن تصنيف ثلاثية «ذاكرة النار» لإدواردو غاليانو. الثلاثية التي أعادت دار «خطوط وظلال» إصدارها أخيراً (ترجمة أسامة إسبر) هي فرصة للإبحار في تاريخ الأميركيتين الجنوبية والشمالية مع الكاتب الأورغواياني من خلال وحكايات وقصص تصنع هذه الملحمة التاريخية الأدبية. في المجلّد الأوّل «سفر التكوين» (1982) يستعيد غاليانو عدداً من القصص الأصلية لقبائل الأميركيتين، فيما تتوالى أحداث المجلّد الثاني «الوجوه والأقنعة» (1984) على مدى قرنين بين عامي 1700 و1900 أي عندما نهبت القوى الاستعماريّة الأراضي الجديدة. وفي الجزء الأخير «قرن من الريح» (1986) يصل إلى القرن العشرين، متتبعاً الثورات الشعبية من الشمال إلى الجنوب. ليست هذه سردية تاريخية مملّة، إذ أن غاليانو يمتع القارئ بلقطاته الشاعرية، وبتنويعه بين القصص والشعر والشذرات ليروي سيرة سياسية مرجعية لأميركا تعدّ من أبرز الأعمال الأدبية اللاتينية.

زيارة إلى حلب وحمص


بعد الدمار الذي أصاب مدناً ومعالم سوريّة كثيرة، يبدو «لمحة تاريخية عن العمارة والعمران في حلب» و«لمحة تاريخية عن العمارة والعمران في حمص» (دار الفارابي)، أشبه بمحاولة لترميم ما هُدم في مدينتي حلب وحمص. إذ أن المؤلّف لطفي فؤاد لطفي يدعونا إلى زيارة اثنتين من أبرز المدن السورية من خلال الوثائق التاريخية. الباحث السوري الذي تناول ووثّق الإرث العمراني في بلاد الشام، يخصّص هذه المرّة مؤلّفاً منفرداً لكلّ من المدينتين السوريتين. إذ يقدّم لمحة وافرة عن الإرث المعماري الغني لمدينة حلب خلال حقبات عدّة، ويتوقّف عند معالم أساسية من عمارتها مثل الجامع الكبير وبعض أسواقها التاريخية القديمة التي خسرت الكثير من ملامحها جرّاء المعارك العسكرية هناك. فضلاً عن ذلك، يواصل لطفي النبش في تاريخ العمارة في مدينة حمص بغناها وتنوّعها التي قضت عليها الحرب السورية أيضاً.

«فنانات عظيمات» من حول العالم


يسعى «فنانات عظيمات» (Phaidon) إلى كتابة تاريخ فني نسوي يمتدّ لحوالى خمسة قرون. الكتاب الذي أعدّته مجموعة من محرّري دار النشر الفنية، يقدّم 400 فنانة من خمسين دولة حول العالم ينتمين إلى حقبات زمنية مختلفة. ونظراً لصعوبة الاستفاضة في كلّ مراحل عمل الفنانات، يقدّم الكتاب عملاً فنياً لكلّ منهن، وسياق هذا العمل بالإضافة إلى نبذة تعريفيّة عن صاحبته. أهميّة المؤلّف تكمن في أنه يستعيد تجارب ظلّ بعضها منسياً، حيث تمّ إسقاط الكثير منها من التاريخ الفني المكتوب. تتنوّع التجارب بين الفنون المعاصرة واللوحات الزيتية والنحت، بالإضافة إلى المدارس الفنية التي انخرطن فيها. يغطي المؤلّف الموسوعي كلّ هذا، بالإضافة إلى المشاغل الجمالية والأساليب والقضايا الاجتماعية والسياسية المختلفة التي طرحتها الفنانات في أعمالهن.

الانتفاضة اللبنانية قصة للأطفال


لدى فاطمة شرف الدين تجربة طويلة في مجال أدب الأطفال والفتيان. في ظلّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة الصعبة التي تعيشها البلاد، تأخذ الكاتبة اللبنانية على عاتقها مهمّة تقديم ذلك إلى الأطفال. في قصّتها «عرس بلادي» (دار صنوبر بيروت)، تضاف قضيّة جديدة إلى القضايا التي سبق أن تناولتها الكاتبة في قصصها ضمن قالب مليء بالخيال والشخصيات البشرية والحيوانية منها اضطرابات الأكل والمشاكل التي تواجه الأطفال. برفقة رسومات نادين صيداني، تبني شرف الدين أحداث قصّتها «عرس بلادي» وعوالمها انطلاقاً من الأوضاع المعيشية الحالية، وتقدّم انتفاضة 17 تشرين الأوّل، والاحتجاجات المطلبيّة في العاصمة والمناطق اللبنانية ضمن قالب سردي للأطفال.

بدر شاكر السياب...


لا يضمّ «الأعمال الشعرية الكاملة لبدر شاكر السياب» مؤلفات الشاعر العراقي الراحل (1926 ـــــ 1964) فحسب. في هذه المجموعة الجديدة، ثمة وثائق نادرة وصور ومخطوطات للقصائد الأصليّة مع بعض التعديلات التي أجراها السياب على قصائده. ضمن مجلّدين صدرا بالشراكة بين دار «الرافدين» و«تكوين»، تضع المجموعة الشعريّة الكاملة بين يديّ القارئ دواوين السيّاب كاملة منذ باكورته «أزهار ذابلة» (1947)، بالإضافة إلى أبرز أعماله في الخمسينيات والستينيات مثل «حفار القبور»، و«المومس العمياء»، و«المعبد الغريق»، و«أعاصير». إذ تأتي كدعوة لإعادة قراءة تجربة أحد روّاد الحداثة الشعرية في العالم العربي، والتعرّف إلى حياته من خلال هوامش تحريرية موسّعة ومعلومات ووثائق تنشر للمرّة الأولى وتستعيد أحداثاً هامّة في حياته، أعدّها وحقق فيها الشاعر العراقي محمود الخضيّر وقدّم لها الشاعر السوري أدونيس.

حداثة فلسطين قبل النكبة


يخطّ ماهر الشريف ملامح الحداثة الفلسطينية خلال سنوات ما قبل النكبة في مؤلّفه «المثقف الفلسطيني ورهانات الحداثة (1908 – 1948)» (مؤسسة الدراسات الفلسطينية). يعرّفنا المؤرّخ والباحث الفلسطيني إلى مشروع فكري وثقافي حداثي يمتدّ من سنة 1908 و1948. يتوقّف الكتاب عند تأثّرات هذا المشروع ما بين النهضة العربية، والثقافات الأوروبية الحديثة، وأخرى جاءت نتيجة الواقع السياسي الذي فرضه المشروع الصهيوني. هكذا يستعيد الشريف تلك الفترة الغنية والهامّة، مستنداً إلى صحف ومجلات ليبرالية وقومية، ويسارية كانت تصدر في ذلك الوقت. كما يتلمّس المشاغل الفكرية كما وردت في مذكّرات المثقّفين الفلسطينيين مثل خليل السكاكيني وعمر الصالح البرغوث، وفي مؤلفات أبرز وجوه تلك الحقبة مثل إسعاف النشاشيبي، وأحمد سامح الخالدي، وقدري حافظ طوقان...

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا