هناك في صالونها الأدبي في رأس النبع بين رفوف الكتب ولوحات فنّ ومن حولنا عبق ورد، ومن الشرفة آتٍ فوح ياسمين تذكرةً بمسقطها دمشق عام 1930، شاهدتُ وأنا لم أتخطّ العشرين قبّاني ودرويش، وأدونيس ابن صفّها في جامعة دمشق، ولاحقاً مطلع الثمانينات أنسي الحاج وجورج غانم، ولكن دائماً كان هناك من البداية حتى النهاية شوقي أبي شقرا وحيرته الوجودية قرينه، وفي سكن ابنها أنيس وزوجته ناهد زين في لندن سعدت لاحقاً بلقاء بلند الحيدري وأمجد ناصر. هي الدمشقية المولد لسلوى الغزّي وفؤاد النعماني وأوّل محامية في دمشق تتدرّج في مكتب خالها سعيد الغزّي الذي شكّل حكومته الأولى زمن الاستقلال في عهد الرئيس هاشم الأتاسي، والثانية في عهد الرئيس شكري القوتلي قبل انتخابه رئيساً للبرلمان السوري في عهد الرئيس ناظم القدسي، فكان آخر رئيس له حتى 8 آذار 1963. فإلى القاهرة حيث زوجها والجامعة الأميركية هناك، ونيويورك معه للدكتوراه في الرياضيات، فالقاهرة وبيروت وعودتها إلى الشعر والرسم والنحت والتصوّف، ولا عجب فجدّها الأكبر عبد الغني النابلسي، وعلى رفّ كتبها مخطوطاته بخطّ يده.
وغاب بسّام، فأطروحة دكتوراه في جامعة كولومبيا عن لبنان الحديث في تقلّباته ثم محاضراً في الأميركية وسفيراً لبلده وتقاعد مؤخراً من وزارة الخارجية هنا، فأصدر سفره الثمين الموثّق عن خرائط اتفاقية سايكس – بيكو مع دراسة مسهبة. وصيف 1983 انطلقتُ مع شوقي أبي شقرا من مبنى صحيفة «النهار» إلى حفل زفاف ابنها أنيس وناهد زين في فندق «السمرلاند» وكانت أغاني دمشق والقاهرة القديمة تصدح في سماء جناح بيروت.
هي اللبنانية، من خميس شعر إلى «النهار» برعاية أنسي وشوقي، وهي الفلسطينية هوىً دفاعاً عن حقّ أهل فلسطين، وهي السورية ما نسيت دمشق التي بقيت بوصلتها إلى الأمل ووجدتْه في محبّة كلّ من عرفها وفي صبرها وأناتها. ولمّا سألتني عن ضلوع حفيدتها هدى ابنة أنيس وناهد بالعربية زمن كانت تلميذتي في أميركية بيروت، أجبت لا بأس. قالت رحمها الله لا تقسُ عليها حبّب العربية إليها، تفز برضاها. فرضيتُ بحكمتها أُسّ التهذيب، ونهاية الأدب ومشتهى الأُمم.
* باحث فلسطيني
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا