توّج الشاعر المصري عماد أبو صالح (1967) أمس بـ «جائزة سركون بولص للشعر وترجمته للعام 2020» (3000 دولار) على قصيدته الحرّة «غير العروضية، رغم أن بعضهم يدعوها قصيدة نثر، عن جهل أو تماهياً مع روح القطيع. قصيدة أخذت إيقاعها الخاص، لغة وموسيقى وبساطة كتعبير عن ذائقة جديدة، ذائقة معبّرة عن دقائق الحياة اليومية، مبيّنة لنا المصائر البشرية وهي تهتزّ معلقة، بصوت خافت أقرب إلى الصمت أو التلاشي» وفق ما جاء في بيان الجائزة التي أطلقتها «منشورات الجمل» عام 2017. وتابع البيان أنّ قصيدته «مترفعة عن السائد في لغة الشعر اليوم، وفي إطلالة تذكّرنا بإطلالة محمد الماغوط في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، مبتعداً عن طلب الشهرة والانتشار، مكتفياً بالظلّ الذي يقيه شمس الظهيرة. وأيضاً متجنّباً قدر المستطاع، كلّ ما يمتّ إلى القضايا الكبرى، فشعرهُ هو شعر الانهمامات الصغيرة التي هي مكوّن حياة الفرد اليوم وفي كلّ وقت».ولد عماد أبو صالح في إحدى قرى المنصورة (شمال الدلتا) في 18 كانون الأول (ديسمبر) 1967، قبل أن ينتقل للعيش في القاهرة ويعمل في صحيفة «الوفد» منذ 1991. صدرت له في طبعات خاصة ومحدودة المجموعات التالية: «أمور منتهية أصلاً» (1995)، و«كلب ينبح ليقتل الوقت» (1996)، و«عجوز تؤلمه الضحكات» (1997)، و«أنا خائف» (1998)، و«قبور واسعة» (1999)، و«مهندس العالم» (2002)، و«جمال كافر» (2005)، و«كان نائماً حين قامت الثورة» (2015). كما تُرجم بعض أعماله إلى العديد من اللغات مثل الإسبانية، الإنكليزية، الألمانية، الفارسية، الكردية وغيرها.
وكانت الجائزة قد مُنحت في دورتها الأولى عام 2018 للشاعر والمترجم المغربي مبارك وساط؛ ثم إلى الشاعر والمترجم التونسي آدم فتحي عام 2019. ويتزامن إعلان الجائزة السنوية مع ذكرى رحيل سركون بولص في 22/10/2007، في استذكار احتفالي لهذا الشاعر والمترجم العراقي الكبير. وسيُقام احتفال الجائزة هذا العام خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب وبالتعاون مع مكتبة تنمية المصرية. قيمة الجائزة لهذا العام 3000 دولار.

قصيدة | ذم الأشجار

عماد أبو صالح
أكره الأشجار
ربما منذ أن أوقعتني
- وأنا أسرق حبّة توت-
حين كنت طفلاً
ربما لأنني رأيتها
تذلّ يد أبي حتى تنبت
أو لأن أمي
كانت تدللها أكثر مني.
كل شجرة، شِجار
لا تفلح الطيور
- التي تعزف لها كل صباح-
في مصالحة أغصانها مع نفسها
كل شجرة معركة، حرب خضراء.

ما هي العصا؟
غصن شجرة
ما طاولة التعذيب؟
جذع شجرة
ما الصليب، ما الباب الذي يحجب الهواء، ما هو النعش؟

دُلّوني على شجرة، ليس فيها فرع جاهز لتعليق حبل
كل شجرة، إغراء بمشنقة.

ليس صحيحاً أنها تمنحنا الظل
في شارع أو حديقة
هي تستدرجنا للعراء
تُشرّدنا كما شرّدوها
من أمها الغابة.

إن كان لا بد من أخضر
فأنا أميل للعشب
أحب ضعفه وبساطته واختباءه- بين الشقوق- في بلاط الأرصفة
لا يتشبث
- بجذوره-
في الأعماق
ولا يرعبنا بقامته العالية
هو
ليس
حتى
لِحْية الأرض
إنه فرشاة أحذية.

الشجرة أصل شقائنا
منذ أن أغوت آدم بتفاحة
نحن
- بسببها-
ندفع ثمن صراع الله مع الشيطان.