قدمت أكيرمان كل شيء؛ من الوثائقي الخاص إلى التجريبي إلى الروائي. وحافظت على سمات مشتركة في جميع أعمالها من بينها: الصرامة الشكلية، الإحساس المأساوي بالوجود، الحياة كموضوع للفن أو الفن كطريقة حياة، النظرة إلى عالم يضع حدوداً للنساء، وأحياناً تنتقدهن. أفلامها مورد لاستدعاء الذكريات، ولعاطفة نسوية ملتزمة سياسياً. سينما أكيرمان تغزو الواقع اليومي، لا تكشف عن شيء بل تخلقه. سينما كبلسم لجيل يرغب في أن يحلم بالمستحيل، لضحايا فترة ما بين الحربَين، لهؤلاء الذين يعيشون على الهامش.
الحركة في أفلامها تكمن في الإطار وفي الشخصية التي تسكنها
موهبة أكيرمان ليست فقط في أفلامها، بل أيضاً في الاستماع إلى الناس، وتصوير حياتهم بشكل فريد على الشاشة. قد تكون أفلامها بطيئة، طويلة وبدون الكثير من حركة الكاميرا؛ لأن الحركة تكمن في الإطار وفي الشخصية التي تسكنها. هذا ما هو أكبر من موهبة سينمائية، هذا هو التعاطف. في سينما أكيرمان نشعر بالوقت؛ تُتاح لنا إمكانية التفكير بينما على الشاشة امرأة تأكل السكر البني بالملعقة في غرفة فارغة. أفلامها انتقامية، بلهجة قتالية تجاه النظرة التقليدية للمرأة. على الرغم من ذلك؛ تقول بأنها ليست مخرجة نسوية «عندما يسألني الناس إذا كنت صانعة أفلام نسوية، أجيب بأنني امرأة وأصنع أيضاً الأفلام». سينماها تضع عمل المرأة الخفي واليومي والعادي في نفس مستوى القتل، كما قالت هي نفسها. خلقت سينما برؤية غير متلصصة؛ كشفت فيها عن اضطهاد المرأة في البيئة اليومية. وهدفت إلى إظهار عزلة المرأة التي تعيش في مجتمع يقيد حريتها ويملي عليها الأدوار.
رفضت أكيرمان دراسة التقنيات السينمائية، واعتبرت أنها تخلق حواجز تعبيرية زائفة تقلّص حرية الإبداع. كانت ضد السينما كغموض، تلك السينما التي تسعى لإخضاع المشاهد لفكرة معينة، وإغراقه في الخيال. لطالما سعت لربط المشاهد بشخص آخر، بالمخرج الذي بنى له شيئاً. لذلك، كانت تضع المشاهد في مواجهة الفيلم لفترات طويلة، ليشعر أنه يعيش وقتاً يعيد الفيلم فيه تكوينه، ويعيد بناءه.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا