كي نفهم فيلم «سائق التاكسي» (1976) بكل جوانبه، يجب أن نكون على دراية بالحياة الشخصية للمخرج مارتن سكورسيزي والكاتب بول شريدر في ذلك الوقت، والمصور مايكل تشابمان عندما قدّموا الممثل روبيرت دي نيرو في شخصية ترافيس بيكل. قبل إنتاج الفيلم، كانت هناك علاقة قديمة تربط «سائق التاكسي» بسكورسيزي، المخرج الذي توسّل المنتجين الذين كانوا يبحثون عن أفضل مخرج لتسلّم الفيلم منذ عام 1972. وبعد محاولات عديدة وإصرار مستمر، تمكّن سكورسيزي من الحصول على السيناريو عام 1974 وأنتج واحداً من أفضل الأفلام.ولكن حياته وحياة الكاتب وحياة المصور لم تكن مستقرة. بذل شريدر مجهوداً في «هندسة الشخصية» قبل كتابتها على الورق. أخرج من أعماقه صفات الشخصية، في ليال مليئة بالحزن الشخصي، والاكتئاب، وتناول الأدوية مع محاولة للانتحار. وسكورسيزي أيضاً، وضع حواسّه وكل ما في داخله لخدمة هذا الفيلم والشخصية. فقبل وخلال إخراج الفيلم، دخل في الوحدة، وعاش مرحلة الإدمان على شرب الكحول وتعاطي المخدّرات. هذه الفترة المظلمة من حياة سكورسيزي لم تنته إلا عام 1980، عندما كان قريباً من الموت بسبب جرعة زائدة من المخدّرات. وإلى جانب الاتحاد الشخصي القوي بين الكاتب والمخرج، يأتي دور دي نيرو، الذي كان يعيش أزمةً نفسية بعد تسلّمه جائزة الأوسكار عن فيلم «العراب 2».
كان سكورسيزي وبول شريدر ومايكل تشابمان يعيشون مرحلة صعبة في حياتهم


المصور مايكل تشابمان كان له الفضل الكبير، هو أخذنا بالتصوير كما لم يحدث من قبل في جحيم ترافيس بيكل. هو درس في نيويورك وعرف شوارعها تماماً، والعيش فيها خدمه ليكون «شاعر الأرصفة»، وهكذا عُرف منذ تصوير الفيلم. عند إنتاج الفيلم، كان تشابمان في بداياته، وموازنة الفيلم لا تسمح لسكورسيزي بتوظيف مصوّر آخر. مرحلة مظلمة في حياة الجميع، جمعتهم ليقدموا عملاً، يرتكز إلى شخصية عميقة وكئيبة ودقيقة. تظهر مع تساؤلات عديدة: كيف يستطيع المرء أن يتحدّى الفشل وهو الخاسر في الحياة؟ وكيف يمكن أن يكون جاهلاً أمام الأشياء الكثيرة الواضحة التي تحدث حوله؟

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا