تلقيت هذا الصباح بحزن شديد خبر وفاة حليم جرداق بعد سنوات عديدة من المرض. ذهب حليم بكل هدوء، مع كل التقدير الذي أحاط به طوال حياته. إنسان مثقف ومرهف الإحساس، لم يكن حليم رساماً عظيماً فحسب، بل كان أيضاً مفكراً عظيماً. وُلد جرداق عام ١٩٢٧ في لبنان، وكان منذ بداياته شغوفاً بالفن. بدأ دراسته في «الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة» في بيروت، وأكملها في «المدرسة الوطنية للفنون الجميلة» في باريس. كان أول فنان لبناني يعمل في مجال الحفر منذ الخمسينيات، ولكن كان من المستحيل قصر رؤيته الطليعية وإبداعه على تقنية واحدة. كان في عمله في النحت والحفر والرسم بقلم البيك والرصاص الكثير من العاطفة، تماماً مثل لوحاته. كان جرداق متعلقاً بأعماله كما يتعلق المرء بأولاده، وكان يخفي غالباً أفضلها. لم يكن يهتم أبداً بأن يبيع كل ما ينتج، لكنه كان يسعى للحصول على التقدير لجودة عمله، ولوضع اسمه بين كبار الفنانين، وهذا ما نجح بالفعل. عرض في «دار الفن» عام ١٩٧٠، وحالفني الحظ أنني تمكنت من تنظيم عدة معارض له في غاليري «جانين ربيز»، كان آخرها في عام ٢٠١٥. صادق عدة فنانين، منهم إيتيل عدنان وإيفيت الأشقر وعارف الريس، على سبيل المثال لا الحصر، وأصبح بلا شك أحد كبار الرسامين اللبنانيين من الجيل الأول. عُرف اسمه ليس فقط في لبنان، ولكن على مستوى عالمي أيضاً. حصل على جوائز في العديد من البلدان، مثل الجائزة الأولى للنقش من «المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة» في باريس عام ١٩٦١، وفي بينالي البحر الأبيض المتوسط​​، الإسكندرية في عام ١٩٦٩، وأصبحت أعماله جزءاً من العديد من المجموعات المرموقة. أعدّت غاليري «جانين ربيز» له معرضاً تكريمياً في تشرين الأول (أكتوبر) 2020.
* صاحبة «غاليري جانين ربيز»