«استُشهد الشاب أحمد معمو من مواليد حلب. وهو موجود في المستشفى الوطني في اللاذقية، لمن يستطيع التواصل مع ذويه، لجهالة عنوان أهله. استشهد بالصاروخ الذي سقط في ساحة الشيخ ضاهر». هذه الكلمات التي كُتبت على إحدى صفحات موقع فايسبوك، كانت إخطاراً برحيل الفنان الشاب (من مواليد 1985). كان معمو واحداً من مبدعي الرقص التعبيري. ورغم أنه لم يكن من مشهوريه، إلا أنّ الراحل ترك بصماتٍ في مجال المسرح التعبيري الراقص، أقلّه، في مدينة حلب. كان من أوائل المغامرين في هذا المجال قبل أن يوطّد حضوره على الخشبات السورية خلال الأعوام العشرة التي سبقت الحرب.
انطلقت رحلة معمو من خشبات الهواة في حلب. أدّى رقصات في عدد من العروض المسرحية، فاتحاً باباً كان جديداً نسبياً على المسرح الحلبي. وقتذاك، كان معمو يرقصُ ما يشعر به، معتمداً على التمرين الذاتي لليونة الجسد، والتعلّم عبر مشاهدة كل ما يستطيع الحصول عليه من أشرطة، ومقاطع مصورة لعروض الرقص التعبيري.
ومع ازدهار المسرح الراقص في دمشق، وتزايد الفرق المحترفة، صار الشاب يحرص على زيارة العاصمة السورية كلّما أعلنت إحدى الفرق عن تقديم عرضٍ راقصٍ جديد، كان يذهب ليُشاهد ويتعلّم. وفي الكثير من الأحيان، كانت الزيارة إلى دمشق لا تستغرق أكثر من زمن مشاهدة العرض.
في عام 2001 سنحت أمامه الفرصة للانضمام إلى صفوف فرقة «إنانا» الشهيرة، التي قررت أن ترفد صفوفها بجيل جديد من الراقصين. وعلى يد مدرّبيها، كانت بداية مسيرته الاحترافية، وكانت أبرز مشاركاته في صفوفها عام 2003 ضمن «مهرجان بصرى». انتقل بعدها إلى فرقة «رماد» التي أسسها الفنان لاوند هاجو الذي رحل شاباً أيضاً. قدّم مع «رماد» عدداً من العروض المسرحية الراقصة، وكانت له مشاركات في مهرجانات عربية ودولية، في الجزائر، وتركيا وغيرهما، ومن أبرزها افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في قطر عام 2006، من خلال عرضين مشتركين بين سوريا وقطر هما «طبل و طارة»، و«أبو حيان التوحيدي».
بين الهواية والاحتراف، قام معمو بتصميم رقصات عروض مسرحية عدّة، منها «إيقاعات»، و«الوردة والتاج»، و«هاي شكسبير». ثم أسس في عام 2007 فرقة «جسد» للمسرح الراقص في حلب. ومن مفارقات القدر، أن أول عروضها حمل عنوان «الأموات يستطيعون الرقص».
مع اشتعال الحرب في حلب، انتقل معمو إلى اللاذقية بحثاً عن الأمان. فأهداه «الثوّار» صاروخاً، حوّله ومدنيين آخرين إلى جثثٍ يُبلَّغ عنها «فايسبوكياً» لجهالة العنوان. وبينما يرقص البعض على جثث السوريين، بات في إمكان معمو أن يرقص برشاقة وحرية هناك، فـ«الأموات يستطيعون الرقص» أيضاً.