مع تبدّل المشهد السياسي والميداني في لبنان، منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر)، تاريخ اندلاع التظاهرات الشعبية في لبنان، وتحولها إلى محطة ثابتة، استطاعت هذه التحركات قلب المشهد اللبناني الراكد وتوجيه الأنظار صوبها. وفي نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، ولدت صحيفة «17 تشرين» من رحم هذا الحراك بعدما جاءت فكرتها إثر اجتماع بين الشباب المؤسّسين لها. مطبوعة شهرية مجانية، انضمت إلى المشهد الإعلامي بأقلام أهلها، ووصلت اليوم إلى العدد الخامس، بعد توقفها قسراً في آذار (مارس) الماضي، بسبب احتجاز «فرنسبنك» أموال المتبرعين التي جُمعت عبر موقع «زومال» الإلكتروني. أموال ما زالت إلى اليوم محتجزة في البنك المذكور، ما دفع بالقائمين على الصحيفة إلى إطلاق حملة تبرع أخرى، لا يجبَرون فيها على تلقي الأموال من البنك مباشرة، لا سيما أن الصحيفة مطلوبة أكثر لدى المغتربين، وانتشر صيتها سريعاً بين اللبنانيين.
أبواب تخصّ الدوليات والثقافة والفنون، مع الإبقاء على «التوثيق اليومي للثورة»

خمسة أعداد إلى اليوم، ضمن تجربة سمّاها رئيس تحريرها بشير أبو زيد بـ «العفوية» لنصل إلى ما يشبه التنظيم الداخلي لها، من خلال التبويب ولاحقاً وضع التروايس وتصنيفات المحتوى. وفي اتّصال مع «الأخبار»، أكدّ أبو زيد أهمية تطوير المحتوى داخل صحيفة «17 تشرين»، وضرورة توسيع الفريق عبر فتح باب المساهمات التي تندرج معاييرها ضمن «الدفاع عن حريات الناس»، وخيمة «الدولة المدنية بعيداً عن النظام الطائفي». لا ينكر أبو زيد حجم المطالب الموجودة في الشارع وقد تشعّبت في كلّ اتجاه، إلّا أنّ ما يهم في سياسة النشر في صحيفته أن لا تتعارض مضامين تلك المطالبات. مع تشديد القائمين على الصحيفة على مجانيتها، وفريقها المتطوّع أكان في التحرير (8 أشخاص) أم في التوزيع (23 شخصاً)، يحرص هؤلاء على الحفاظ على طابع الصحيفة الورقي الذي ينعكس بشكل واضح على تصميم الموقع الإلكتروني الذي أرادوه قريباً جداً من النسخة الورقية. كذلك، لا يخفي أبو زيد نيّة الصحيفة توسيع جمهورها، عبر الاتّكاء هذه المرة على التوزيع في المناطق كافة، كما في المكتبات كما يحصل مع باقي الصحف الورقية في لبنان، والعمل على تطوير الصحيفة من الداخل، لتشمل أبواباً تخصّ الدوليات والثقافة والفنون، مع الإبقاء على أبواب ثابتة كـ «التوثيق اليومي للثورة». ورغم أن فريق التحرير لا يحظى أغلبه بخلفية صحافية متخصّصة، إلا أن أبو زيد يشير إلى خلفية فريقه الاقتصادية والسياسية. ولدى سؤاله عن الاستمرارية في الطباعة والنشر، لفت إلى أنّ الصحيفة ستصدر طالما هناك حركة في الشارع «ولو خجولة» وطالما أنها تلقى دعماً مادياً وتكون مطلوبة عند كثيرين.
قبل أيام، وقفت الممثلة والمخرجة المعروفة حنان الحاج علي أمام «فرنسبك» في شارع الحمرا، متوسّطة زحمة السيارات والمارة، وممسكة بالعدد الأخير من صحيفة «تشرين». وعلى طريقة الباعة القدامى للجرائد في المدن، عندما ينادون بأسماء الصحف التي بحوزتهم على المارة، ردّدت الحاج علي: «أخبار، ثورة، جمهورية. أخبار عصيّة عن المنع. بين تشرين وتشرين صيف تاني». فيديو قصير نشرته على فايسبوك ما فتئ أن انتشر كالنار في الهشيم، إذ قصدت وقتها الوقوف أمام المصرف الذي احتجز أموال الصحيفة وما زال. وراحت تروّج لذاك العدد أمام حشود المارة والسيارات. مبادرة الحاج علي كانت شخصية وتطوّعية، بعدما سمعت بخبر التوزيع، فكانت خطوتها عفوية بحسب القائمين على الصحيفة، واستذكر معها المارة زمناً كانت فيه الصحيفة الورقية يعرفها المارة من أصوات البائعين.

https://17teshreen.com/