خلال ندوة نظّمتها أخيراً صحيفة «المونيتور» الإلكترونية في «مركز عصام فارس» في «الجامعة الأميركية في بيروت»، أجمع المشاركون على أنّ الحقيقة هي الضحية الأولى في التغطية لأحداث الأزمة السورية. خلال اللقاء، أشار الزميل جان عزيز إلى أنّه «في عصر إعلام تكنولوجيا المعلومات، تتزايد الأخطاء في تغطية الحروب عموماً. وفي الحرب السورية، لم تكن هناك أي جهة صحافية محايدة، أكانت تُغطّي من داخل سوريا أو من خارجها، أو كانت إلكترونية أو تلفزيونية».
أما الصحافي علي هاشم (قناة «الميادين») فقال إنّ تغطية الحرب السورية شكّلت أسوأ اختبار له، مع أنّه غطى أحداثاً خطيرة أخرى كالاعتداءات الإسرائيلية على غزة، والحرب اللبنانية، والشؤون الميدانية العربية الأخرى. واعتبر أنّ سبب الصعوبة لم يكمن في خطورة الأوضاع على الأرض فحسب، بل لأنّ كل جهة كانت تقدم للصحافيين صورة مختلفة تماماً عن الجهة الأخرى، وتدعمها بالأدلة والفيديوات المصورة، وتلصق بالصحافي الذي لا ينشر أدلتها تهمة العمالة للجهة الأخرى. وأضاف إنّ إدارات القنوات التي اضطر إلى الاستقالة من إحداها، كانت تفرض عليه التركيز على ما يهمها في الواقع الميداني، وليس على الحدث الخبري الهام، أي أنّها كانت تفرض سياساتها على الصحافيين.
وأظهر رئيس قسم دراسات الإعلام في الجامعة، جاد ملكي، الصفحة الأولى في جريدتين يوميتين لبنانيتين حول إقفال الطرق في مناطق لبنانية احتجاجاً على أوضاع مدينة عرسال البقاعية المحاصرة. وصفت إحداهما قاطعي الطرقات بـ«المعترضين على حدث غير مقبول»، فيما وصفتهم الصحيفة الأخرى بـ«قطّاع الطرق»! وقال إنّه مرتاح كونه انتقل الى العمل الأكاديمي وابتعد عن الصحافة، رغم أنّه غطّى في الماضي عدوان تموز 2006. وأشار إلى أنّ المهم في كل أنواع الصحافة هو تغطية ما يحدث بواقعية من دون انحياز وبنزاهة، ومن دون التحريض على العنف.
وحول موضوع نزاهة الصحافيين في العالم العربي، وخصوصاً لجهة نقل الأحداث السورية، اعتبر جان عزيز أنّ دور تمويل المؤسسات الصحافية العربية مهمٌ في هذا المجال، إذ تمول الإعلانات في المؤسسات البارزة 30 في المئة فقط من مداخيلها، ويأتي الباقي من أنظمة عربية وعالمية غنية. وبالتالي، يصعب الحديث عن إعلام حرّ في لبنان أو غيره، بل «بالإمكان الحديث عن بعض الصحافيين الأحرار وعدد من الصحافيين غير الأحرار».
ولدى سؤاله عمن يقصد بالدول الغنية التي تموّل الصحافة العربية، أجاب عزيز: «هل ستقنعني أنّ هذا القائد العربي أو ذاك الذي يموّل بعض المؤسسات الإعلامية العربية التي تُغطي الأحداث في سوريا مقتنع فعلاً بالديموقراطية أو غيرها، وأن مشكلة سوريا هي الآن مشكلة الديموقراطية وليست الجغرافيا السياسية والنفوذ؟» وأضاف: «لقد انطلقت الانتفاضة السورية من أجل الديموقراطية والخبز ومواجهة هيمنة الحزب الواحد، لكنّها تحولت عن هذه الوجهة لاحقاً، ونحن أول من وقف ضد الطغيان والهيمنة على لبنان».
من جهته، أشار أستاذ الإعلام في الجامعة نبيل دجاني الى أنّ القضية الأساسية في تغطية الشأن السوري وغيره هي المسؤولية الاجتماعية للصحافيين، مضيفاً إنّ «لدى العالم العربي صحافيين ممتازين تقنياً، لكن بعضهم ليس كذلك على المستوى الأخلاقي. حان الوقت للتدريب التقني والأخلاقي لصحافيي المستقبل».
واعتبر المشاركون أنّ الصحافة التلفزيونية عموماً أكثر سطحية من الصحافة المكتوبة بسبب «عدم توافر الوقت لعرض الأخبار بشكل وافٍ وكامل وبالقالب اللغوي الصحيح والمعبّر».