«محمد بكري الفلسطيني يقدم فيلماً عن الفلسطينيين في اليرموك، ملخّصه أنّهم قوادون ويدبّون على أربع ويستحقون ما يصيبهم لأنّ الله لن يغّير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ليرحمنا الأبعدون من ادعاء الفهم والتعاطف». على غير العادة، أطلقت الإعلامية السورية ديانا جبور جملها اللاذعة عبر فايسبوك رداً على فيلم «يرموك» (حوالى 8 دقائق) الذي يختزل معاناة الفلسطينيين السوريين بعد حصار المخيم، ويجزم بأن الحالة العامة ترضى ببيع البنت القاصر من أجل حفنة من المال.
يبدأ الفيلم برصد وجوه عائلة تقبع في العتمة وتعاني من ويلات الحرب والحصار وأصوات القصف. تلاحق الكاميرا سيارة الأب القديمة وهي تشق الطرق الموحشة، لتقف قبالة سيارة حديثة يترجّل صاحبها ومعه رجل خليجي ويصل إلى سيارة الأب، ثم يطلب من الفتاة فتح فمها قبل أن يقدم مبلغاً مالياً يعترض عليه الأب لأنه أقل من الاتفاق، فيرد مقايضه بلهجة فلسطينية «ما اتفكناش على أسنان خربانة». تنزل الفتاة وترافق الغريب، فيما يجر الأب هزيمته. سرعان ما أثار الشريط استهجان السوريين الذي بلغ حد اتهام محمد بكري بـ«العمالة». النقد بني على أساس أن الشريط يسطّح جرح فلسطينيّي سوريا ويختزله بطريقة وقحة، تنمّ عن جهل بما جرى، وبما سرِّب من مقاطع فيديو أثناء حصار المخيم؛ آخرها ما عرف بـ«يوم الحشر في المخيم». أظهر الأخير جماهير غفيرة تنتظر توزيع المعونات الغذائية وترصد وصول ذويها من قلب دمشق بعد توقيع الهدنة، فيما سجّلت التلفزيونات نماذج مختلفة من سكان المخيم وقد وحدتهم دموع الذل من الجوع والقهر اللذين عانوا منهما طيلة الأشهر الماضية. يعلق أحد السورين على هذه النقطة عبر الفايسبوك: «لو أتعب بكري نفسه قليلاً وفاضل بين ما أنجزه من دقائق تسيء إلى معاناة شعبه، وبين ما تداوله الناشطون عبر مواقع التواصل لحقيقة تلك المعاناة، لتراجع عن هذه الضحالة».
لم يكن سهلاً على أهالي المخيم أن يحصلوا ولو على رغيف خبز. مع ذلك، فإن غالبيتهم لم يعدموا وسيلة لتحصيل بعض المواد الغذائية مقابل مبالغ كبيرة، بينما يبدو خيار بكري في الفاكهة مقابل بيع ابنته مبالغة تحمل إساءة مباشرة للجرح الفلسطيني السوري. وكأن فلسطينيّي اليرموك لهثوا وراء الكماليات حتى لو اضطروا الى بيع بناتهم.