لم يكن قرار دفن اسم الجزيرة الرياضية وتحويله الى «beIN Sports» مع مطلع السنة الحالية قراراً عبثياً من قبل القيّمين على المحطة القطرية العملاقة. لقد عرف هؤلاء أن قنواتهم الرياضية أصبحت في مكانٍ ما الحلقة الاقوى ضمن شبكتهم الاعلامية، فذهبوا الى حمايتها من أجل الاستفادة منها قدر الإمكان على صعيد نشر اسمها عالمياً ثم تسويقها بالشكل المطلوب. وانطلاقاً من هذه النقطة كان التغيير من «الجزيرة» الى «beIN»، إذ إن الاسم الاخير كفيلٌ بإبعاد تلك الصورة التي رسمها الغرب في ذهنه حول «الجزيرة» التي اشتهرت بعرضها «الخاص» لكل ما يرتبط بأنشطة الجهاديين أو الحركات الارهابية حول العالم ضمن سبقٍ صحافي حيّر الإعلام العالمي دائماً، والذي تساءل عن سبب قدرات تلك المؤسسة على الوصول الى أي مكان أو الحصول على هذه المادة الدسمة التي تشدّ المشاهد. وبالتأكيد، ومع التحوّل الى «beIN»، أصبح من السهل على مسؤولي القناة الرياضية تحويلها الى منافِسة على الساحة العالمية لشبكات عرفت بشهرتها الرياضية مثل «سكاي» أو «بي بي سي»، وبات أسهل بيع أي حقوق تحصل عليها «beIN» تحت هذا المسمّى، فأقلّه الاسم أكثر سلاسة الآن على أذن المشاهد الغربي المهووس بالرياضة بطبيعة الحال.
من هنا، كان المخطط واضحاً ويتمحور حول جذب الافضل الى «beIN»، فما «يبغيه» المشاهد العربي والخليجي على وجه الخصوص تجده هناك في الدوحة، من حقوقٍ حصرية لكل البطولات المهمة الى أبرز المحللين العرب والعالميين، وصولاً الى أشهر المعلقين...
الا ان مخطط الظهور بأفضل صورة ممكنة تلقى ضربة في اليومين الاخيرين، فالصدام السياسي الخليجي - القطري أخذ بعداً آخر وغير متوقع، إذ وصلت حمم البركان المتفجّر حديثاً الى الاوساط الرياضية لتحرق بعض المخططات التي وضعتها قناة «beIN» إثر استقالة رموزٍ من قافلة المعلّقين لديها.
الإماراتيان فارس عوض وعلي سعيد الكعبي، اللذين لا جدال في ريادتهما على صعيد التعليق على مباريات كرة القدم، قدّما استقالتيهما بشكلٍ غير متوقع، وهما من أعمدة قسم المعلّقين في القناة القطرية التي تخصّ هذا الجانب باهتمامٍ كبير، وهي التي تقف على أبواب كأس العالم، حيث يهمها بالتأكيد أن تقدّم تنوعاً الى المشاهد بين معلّقين من الخليج العربي وآخرين من شمال أفريقيا على سبيل المثال. وبالطبع يمثّل كلٌّ من عوض والكعبي الشقّ الاول، وهما أصلاً المفضلان لدى شريحة كبيرة من الجمهور العربي المتابع للمباريات عبر الشاشة البنفسجية، إذ تتخطى شعبيتهما منطقة الخليج بالنظر الى قدراتهما الاستثنائية في نقل الحدث عبر كلامٍ يهوى المشاهد سماعه ويثير حماسته.
والدليل على أهمية عوض، أن الدوحة لم توفّر جهداً لاستقطابه بعد حصولها على حقوق نقل الدوري الانكليزي الممتاز حيث لمع المعلّق الاماراتي عبر شاشة «أبو ظبي الرياضية»، لا بل كانت هناك موافقة على عدم ارتباط صاحب عبارة «يا رباه» الشهيرة بعقدٍ حصري مع «beIN» حيث استمر في التعليق على مباريات تنقلها قناة «دبي الرياضية» وتحديداً في الدوري الالماني، وهو الوحيد الذي أفلت حتى الآن من قبضة القطريين.
أما الكعبي فهو يعدّ من رموز التعليق في «beIN» حيث قضى قرابة عشرة أعوام حتى الآن في ربوع الشبكة القطرية.
وفي ظل غياب المعلّقين المذكورين عن السمع، ومثلهما رئيس قسم المعلّقين في «beIN» عبد العزيز المرّي (حاولت «الأخبار» الاتصال بهم طوال يوم أمس)، تقول مصادر متابعة عن كثب لما حصل أن «التعليمات» كانت واضحة، وهي نقل الصدام الخليجي الحاصل مع قطر الى الساحة الاعلامية والثقافية، وقد جاءت استقالة عوض والكعبي وحسن الجسمي (معلّق في «beIN» وقناة الكأس) وسلطان راشد (محلّل في «beIN») ضمن هذا الإطار، من دون استبعاد أن ينسحب وقف التعامل مع مؤسسات إعلامية قطرية، وتحديداً «beIN»، على محلّلين ومعلّقين من جنسيات خليجية أخرى كالسعوديين مثلاً، حيث تبرز أسماء المحلّل اللاعب الدولي السابق نواف التمياط، والمعلّقين فهد العتيبي وعبدالله الحربي وعيسى الحربين.
إذاً الامور باتت واضحة، إذ لم تعد الدول الخليجية التي تواجه قطر تريد منحها أي شيء يساعدها على البروز، فكانت أولى الخطوات عودة المواهب الاعلامية الى بلادها، وهو أمر قاله الحربي بصراحة في تصريح الى موقع «سكاي نيوز أرابيا» أمس عندما أشار الى أن استقالتي عوض والكعبي «دافعهما وطني»، في الوقت الذي تغنى فيه موقع «24» الاماراتي الاخباري وبكل وضوح بقرار الكعبي قائلاً إن الاخير أعلن ولاءه للوطن.


يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




انسحاب الأقلام من «العرب»

قال كتّاب سعوديون إن وزارة الثقافة والإعلام في بلادهم أصدرت قراراً بمنعهم من الكتابة في الصحف القطرية. وقال الكاتب الإسلامي مهنا الحبيل، في تغريدة له على تويتر: «تلقيت اتصالاً من نائب وزير الإعلام عبد الله الجاسر، أبلغني فيه، بأسلوب محترم، بصدور قرار قيادي لوقف كتابتي في قطر». بدورها، غرّدت سمر المقرن عبر تويتر، قائلة إنّ «وزارة الثقافة والإعلام السعودية أصدرت قراراً بسحب كل الأقلام السعودية من صحافة قطر». بدورها، أعلنت صحيفة «العرب» أن الكاتبين السعوديين صالح الشيحي وأحمد بن راشد آل سعيد اعتذرا عن عدم الاستمرار في الكتابة تنفيذاً لتوجيهات وزارة الإعلام السعودية.