الرباط | نساء يلبسن الجلباب التقليدي المغربي ويمتطين دراجات نارية. أخريات بالجلابيب يضعن النقاب المغربي، لكن على جلابيبهن تظهر ماركات puma، وLouis Vuitton، خلطة لا يدرك وصفتها المجنونة إلا حسن حجاج. ينطلق من ثقافة المغرب في السبعينيات والثمانينيات، ويعيد تركيبها في صور مجنونة جديرة بـ«كيتش» مغربي.حجاج مفتون بالمدينة الحمراء مراكش. يقيم بينها وبين لندن. يتذكّر أنّ أمه كانت تأخذه إلى استديوهات التصوير في طفولته، حيث اكتشف لذة الصور الأولى، وتعابير الوجوه، وأكسسوارات مختبرات التصوير المغربية. مادة الطفولة تلك التي كان قوامها الملابس الأكثر أناقة لدى أبناء الأسر الفقيرة، ممزوجة بمطيات بلاستيكية على شاكلة أحصنة وكلاب، وصور الحدائق والأعمدة الرومانية كخلفية، تشكلت في دماغه، ليصنع منها لاحقاً مادة فنية أثيرة.

في ثمانينيات لندن الصاخبة، وثقافة البوب،، انطلق حجاج وراء حلمه. عاشر أبرز المصممين ونجوم السينما والغناء كمادونا، وبدأ مشروعه. اعتمد الماركات والعلامات في أعماله. مزجها بثقافته المغربية المتعددة بين مشاربها العربية والأمازيغية والأفريقية والإسلامية واليهودية. العودة إلى الأصول رافقها تحوير العلامات البصرية للماركات. فرّغ نايكي وpuma وغيرهما من حمولتهما الأولى، وألصقهما على الجلابيب الزاهية. يفسر هذه العملية بأنها طريقة لنزع فتيل الصدام بين المتلقي والحجاب. هو يستغل الجلباب/ الحجاب المغربي التقليدي، بأثوابه المتعددة الألوان، ليقلّص من مناعة الغربي تجاه هذه الملابس. أما العلامات التجارية، فيقول بأنّها تدفع الغربي إلى تقبّل هذا الزي كون العلامات تدخل في لاوعيه الثقافي. هكذا الارتكاز على الحجاب المغربي يشبه المواجهة على جبهتين: مقاومة سواد الحجاب السعودي الذي انتشر بقوة المال والقنوات المتشبعة بالثقافة الوهابية، وتذويب الحساسية الغربية إزاء الثقافة العربية.
في بداية تجربته، اشتغل في دور الأزياء الطليعية في لندن، قبل أن ينطلق في تصميم الفضاءات، ويرسخ تجربة في التصوير جعلته واحداً من أبرز أسمائه. يأتي بالمواد التقليدية كالأثواب والحناء من مراكش. عادة دأب عليها أكثر من مصمم كإيف سان لوران. كأن حجاج فطن إلى مقولة الفيلسوف الفرنسي أنطوان دو لافوازييه: «لا شيء يخلق، لا شيء يفقد، كل شيء يتحول». وهو يُحَوّل الأشياء باستمرار. يعمل حجاج على المرأة في أعماله. وإذا كانت شبيهة بالمرأة المراكشية التقليدية، فإنها تصبح في لوحاته موديلاً صالحاً لدور العرض. نساؤه يخرجن من الذاكرة المشتركة للكثير من المغاربة، لكنهن يقدمن صورة جديدة لهن: نساء سعيدات بنظرات متحدية، يشغلن مركز الصورة.
الألوان في أعمال حجاج مكون أساسي أيضاً. إنها ألوان دافئة، تنطلق من أحمر مراكش، لتتجه إلى طبقات لونية مختلفة. مزيج الكيتش المغربي في لوحاته عنوانه الفرح. فرح فنان يجد في جولاته في المدينة فرصة للالتقاء بالآخر. يقول: «الفن جد منعزل، لكن شخصيتي تحبذ التفاعل مع الآخرين، والحديث معهم كالعثور على بعض الأشياء في السوق، والحديث مع نساء الحناء، مع ملاكم، بائع، أو مجهول»