في 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي، انتفض اللبنانيون ضدّ سياسات السلطة. مع بداية التحرّكات في المناطق المختلفة، واكب عدد لا بأس به من الفنانين ما يجري، سواءً على الأرض أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. بعضهم انخرط في الحراك الشعبي ونزل إلى ساحات الاحتجاج كما فعل «تجمّع الفنانين من أجل التغيير» الذي ضم بديع أبو شقرا وزياد سحّاب وفادي أبي سمرا وزياد سحاب وعبدو شاهين وغيرهم. تنقّل هؤلاء بين المتظاهرين، وانخرطوا في نقاشات سياسية ومطلبية مع الناس، من دون أن تخلو الأجواء من موسيقى وأغنيات «ثورية» بطبيعة الحال. حتّى إنّ عدداً من هؤلاء قرّر قبل أيّام دخول مبنى «تلفزيون لبنان» في تلة الخياط لـ «رفع الصوت» مع موظفي الشاشة الرسمية الذين لم يتقاضَ معظمهم أتعابهم منذ أشهر والاعتراض على عدم مواكبة هذه المؤسسة للتطوّرات الحاصلة في البلاد. وبعدما أحدثت صدمة حين صرخت وهي تحرق الإطارات في الشارع «أنا جوعانة ومديونة»، أثارت الممثلة نادين الراسي جدلاً إضافياً مع انتشار مقطع فيديو جديد يظهرها وهي تستلقي أرضاً لقطع الطريق بجسدها أمام السيارات، وتقول: «ما تضلكن ببيوتكن نزلوا عالشارع عيب ولادكن...».


إليسا القواتية والشهيرة بالتعبير عن موافقها السياسية الواضحة والحازمة، اتخذت من حساباتها الرسمية على السوشال ميديا منبراً للتعبير عن دعمها المطلق لمطالب المواطنين، كما انتقدت خطابات السياسيين على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
على الرغم من أنّها ليست المرّة الأولى التي تعبّر فيها عن آراء سياسية، إلا أنّ تفاعل النجمة هيفا وهبي مع ما يحصل حظي باستحسان كثيرين. إذ نشرت تعليقاً على تويتر محمّلاً بالعتب وموجّهاً إلى عون بعد انتهاء خطابه: «كنت متوقعة خطاب يضاهي أهمية الثورة. معليش دولة الرئيس 2 مليون نسمة 8 أيام بالشارع وآخر شي بتطلع بتقول كلمتين مقطشين تقطيش ما زادوا شي غير تمسّك الشعب بالثورة والتغيير أكتر وأكتر».
لم تخل التجمّعات الشعبية من حضور فنانين آخرين أثاروا حفيظة كثيرين مع اقتصار وجودهم على التقاط صور السيلفي والاستعراض كما هي الحال مع الممثلة نادين نسيب نجيم التي عبّرت أخيراً على السوشال ميديا عن حيرتها إزاء ما يحصل: «ما عدت عم بفهم شي من شي... عبالي صدّق، عبالي إرجع أوثق وخايفة أخذل حالي وشعبي ووطني». بدوره، كان لراغب علامة نصيب من الانتقادات حين انضم إلى المتظاهرين في وسط بيروت وهو الذي يجاهر بعلاقاته الوثيقة بوجوه السلطة.
صحيح أنّ المغنية ميريام فارس التي نزلت مع زوجها وابنها لم تسلم من الهجوم، إلا أنّه كان لافتاً انتقادها الافتراضي لزملائها. «أنا كتير مستغربة من الفنانين/ات يلي طول عمرن بيتباهوا وبيحكوا بالوطنيّة وبحبّهم للبنان ولهلّق بعد ما تحركوا كرمال المحسوبيات...»، كتبت صاحبة أغنية «قومي». ثم أضافت: «شو ناطرين يا فنانين لتتضامنوا مع الناس الموجوعة ويلي عم تصرخ من حرقة قلب؟...».
«ركوب الموجة» هي التهمة التي وُجّهت إلى الفنانة مايا دياب. فالأخيرة لم تكتف بالتعبير عن مواقفها الداعمة لانتفاضة الشعب، بل أدّت أحياناً دور محلّل سياسي أو صحافي عارف بخفايا الأمور وما يدري في الكواليس، لاسيّما حين تطرّقت إلى اتصالات يجريها بعض «الرؤساء» بأصحاب محطات التلفزة لـ «وقف البث المباشر لقمع حريّة الاعلام وبالتالي الثورة...».
حظي تفاعل هيفا وهبي مع حركة الشارع باستحسان كثيرين


كارول سماحة من أكثر المعنيات على مواقع التواصل الاجتماعي بما يجري في بلدها الأم. فالفنانة المقيمة في القاهرة، حرصت منذ اليوم الأوّل على التعبير عن رأيها بهدوء لافت. غير أنّها خلطت الأوراق وأثارت بلبلة قبل أيّام قليلة حين توجّهت إلى اللبنانيين، قائلةً إنّ إسقاط الحكومة الحالية غير كاف، وطالبت بحكومة عسكرية مؤقتة لثلاثة أشهر تمهد لقيام مؤتمر تأسيسي، و«صياغة دستور مدني لا طائفي، ثم إنتخاب شخصيات نزيهة وكفوءة من ذوي الاختصاص والخبرات، غير تابعة لأي حزب طائفي». كلام رسم علامات استفهام ودهشة كون صاحبة أغنية «أضواء الشهرة» المعروفة بثقافتها السياسية، تؤيد استلام العسكر زمام الأمور حالياً. مع العلم أنّ كثيرين لم يستغربوا هذا الكلام كون سماحة لا تعارض ممارسات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ابن المؤسسة العسكرية.
على الضفة الأخرى، ألصقت صفة «أبواق السلطة» بفنانين استماتوا في الدفاع عن أهل السلطة و«العهد»، على رأسهم طبعاً الملحّن سمير صفير، والمغني زين العمر، والممثلة سهى قيقانو، والممثل ميشال أبو سليمان، والمخرج شربل خليل...