بدأ تنظيم «داعش» غزوة جديدة، لكن افتراضية هذه المرة. في 15 شباط (فبراير)، وبتزامنٍ لا يبدو اعتباطياً، انطلقت صفحات «داعشية» على صفحات إنستغرام، الموقع الأشهر في مجال التقاط الصور ومشاركتها. رأس مقطوع كان أولى الصور التي شاركَها حساب «islamic_state_2»، مانحاً نفسه صكّ انتماء عميق إلى التنظيم المتطرف. الصورة التي يظهر فيها رجلان ملثمان يمسك أحدهما الرأس، أُرفقت بعبارة تعريفية تفيد بأنّها تعود إلى «أحد عناصر الصحوات»، وهو التوصيف الذي يُطلقه «داعش» على «الإخوة/ الأعداء» مسلحي «الجبهة الإسلامية».
منذ ذلك الحين، نُشرت 84 صورة على هذا الحساب الذي أخذ على عاتقه مواكبة نشاط مسلحي «داعش»: معاركهم، وجثث أعدائهم، وبياناتهم، و«إنجازاتهم» مثل حادثة قطع اليد الشهيرة التي نُفذت أخيراً في ريف حلب بحق «سارق». في اليوم نفسه، أُطلق عدد من الحسابات المماثلة، أبرزها «jihad_support1» الذي يُعرّف عن نفسه بأنّه متخصص في «دعم الحسابات الجهادية» عبر القيام بـ«صولات وجولات على الحسابات الجهادية ومنشوراتها».
وكانت أولى الصور المنشورة فيه بمثابة «إعلان افتتاح رسمي»، يؤكد عبرها مُنشئ الحساب «تبعيته رسمياً لداعش». الصور في هذه الصفحة تأخذ طابعاً ترويجياً بحتاً، إذ تدلّ على حساباتٍ لمؤيدي «داعش». ويؤدي هذا الحساب أيضاً دوراً «توعوياً» عبر تقديم نصائح لـ«المجاهدين» في كيفية «الاستخدام الآمن» لمواقع التواصل الاجتماعي. نقرأ مثلاً في إحدى الصور: «أخي المجاهد، أنت مراقب مراقبة لصيقة على مدار الساعة، فأنت مطلوب. عدوّك يمتلك أدوات المراقبة والقتل، لذا لا بد من إجراءات صارمة لا فرصة فيها للمصادفة». التنقل بين صفحات «الداعشيين» لن يضعنا أمام صور فحسب، بل سنجد عشرات مقاطع الفيديو أيضاً، ومعظمها دموي. كذلك، يمكننا «تثقيف» أنفسنا شعرياً، إذ يمكن أن نقرأ لدى أحدهم: «فلتسمعوا إخلاصنا في قولنا/ رغماً على شرٍّ أثيم فاحشٍ. إن كان حب الصالحين تدعشاً/ فلتشهد الدنيا بأني داعشي». لا يُعَدّ الغزو «الداعشي» لإنستغرام أوّل استخدام «جهادي» للـ social media. ثمة عشرات الصفحات القديمة المشابهة، يعود معظمها لأشخاص، وبعضها لمجموعات، مثل «شؤون قوقازية». كذلك ينتشر عدد من الـ«هاشتاغات» مثل «#جهاد»، و«#الجهاد»، و«#المجاهدين»، و«#المجاهدون»... لكن الجديد اليوم هو التكتيك «الاستراتيجي». رغم عدم إمكانية الجزم بتبعية الحسابات الجديدة لـ«داعش» رسمياً، إلا أنّ المؤكد أنّنا أمام حملة إعلامية مُنظمة تشي بحرص «الرايات السوداء» على استغلال كل المنابر لغزو رؤوسنا بالرؤوس المقطوعة.