دمشق | عاد الحديث عن مشاركات الفنّانات اللبنانيات في الدراما السورية التي تستكمل تحضيراتها لموسم 2014 بعد الكشف عن مشاركة نادين الراسي في بطولة مسلسل «الإخوة» («كلاكيت»)، وتسريب صورة للقطتها الأولى مع الممثل تيم حسن، فضلاً عن حديث الراسي عن استعدادها للمشاركة في عملين شاميين تنتجهما الشركة نفسها، هما «حرملك»، و«ليل الشام» أو «الدومري».
في «الإخوة»، تجسّد الراسي شخصية «ماريا» اللبنانية حبيبة «نور» (تيم حسن)، الوريث الأكبر لعائلة «فريد نوح» وإمبراطوريته المالية. علاقة الحبّ بين الثنائي مهددة بسبب تشابكات العائلة الكبيرة التي تضم أولاداً بالتبني، وعلاقاتهم المعقدة.
إذاً، لن تؤدي الراسي هذه المرّة دور فتاة سورية في المسلسل الذي بدأ تصويره في أبوظبي مطلع الشهر الحالي، ما يبدو مقبولاً لشريحة من المشاهدين السوريين من ذوي النفس الطويل، أي القادرين على متابعة أعمال من تسعين أو مئة حلقة. كذلك الأمر بالنسبة إلى سيرين عبد النور بطلة مسلسل «سيرة حب» الذي يجري إنتاجه لرمضان 2014 وما بعده. لا أحد يعترض من حيث المبدأ على صيغة الأعمال العربية المشتركة التي باتت الشغل الشاغل للمحطات الكبرى بهدف ملء الفراغ بين موسمين رمضانيين، بالتوازي مع ما تعرضه من أعمال مدبلجة. لكن ماذا لو شاركت الراسي كما تقول في بطولة عمل شامي؟ الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة تقول إنّ تجربتها في الجزء الأول من «زمن البرغوت» بدور «رويدة» لم تكن موفقة؛ لأنّ الجمهور السوري المتطلّب الذي أحبّها في «جلسات نسائية» لم يتقبّلها في «زمن البرغوت». على خط موازٍ، ازداد سخونةً الجدل حول مشاركة فنّانات لبنانيات في بطولة أعمال سورية، وخصوصاً بعد تصريحات سلافة معمار لمجلة «سيّدتي» قبل فترة. لم تر النجمة السورية مشكلة في مشاركة اللبنانيات الجميلات في نوع من الدراما «تحتاج إلى ممثلة كي نتفرّج عليها»، وفرّقت بين هذه الأدوار، وتلك التي تحتاج إلى «مواصفات ممثلة من نوع آخر، تكون جميلة أيضاً». وأضافت: «هما نوعان مختلفان ولا يمكن مقارنتهما. سيرين عبد النور أكثر ممثلة لبنانية لمعت في هذا المجال، وأخيراً برزت نادين الراسي. أنا لا يمكن أن ألعب الأدوار التي تلعبها سيرين، كما أنّ الأدوار التي ألعبها، لا يمكن سيرين تأديتها».
لكن العاصفة بدأت حين سألتها محاورتها: «هل تقصدين أنّ أدوارك تتطلب قدرات تمثيلية أعلى؟». أجابت معمار: «هل تعتقدين أنّ سيرين يمكنها أن تؤدي دور «بثينة» (مسلسل «زمن العار») أو «غريتا» (تخت شرقي)؟ وهل يمكن أن أؤدي أنا دور «روبي»؟»، قبل أن تكمل: «هي يمكن أن تؤدي دور روبي فقط، وهو نوع مطلوب وناجح تجارياً. كلاهما تمثيل، لكنّهما نوعان مختلفان، ويرتبطان بخيار الممثلة وإمكاناتها ومدى قدرتها على تطوير نفسها. ويمكننا أن نشاهد sex appeal عند ممثلة معينة، وsex appeal عند أخرى تتمتّع بالحضور والكاريزما».
ربما ما قالته معمار بدا صادماً، لكنّه يتقاطع مع ما تراه شريحة من المشاهدين السوريين في الممثلة اللبنانية عموماً. ممثلة قُدِّمت على مدى سنوات كعارضة أزياء أكثر من كونها ممثلة. هكذا، لا يمكننا لوم الجمهور لأنّه هكذا تبدو كواليس صناعة الميديا في لبنان، أقلّه خلال السنوات الأخيرة.
في المقابل، اعتاد السوريون الاحتفاء بنجومهم الذين صنعوا أنفسهم بعد سنوات من التعب، فضلاً عن ارتباط الدراما السورية بمشاهديها إلى درجة تماهيها، من وجهة نظهرهم، مع واقعهم المعيش وتطلعاتهم. تماهٍ لطالما قاد إلى خلط المشاهدين بين وظيفة الدراما الحقيقية أي «الترفيه»، وما يرونه فيها من قدرات استثنائية على ترجمة واقعهم.
لكن في ظل الحرب، توجهت أنظار السوريين خلال الموسم الفائت إلى المسلسلات التي قيل إنها تتناول أزمتهم، إذ أرادوا أن يروا ماذا لدى كتّابهم ومخرجيهم لقول ما لا يستطيعون قوله. هنا كانت المفاجأة. شعر الجمهور بالصدمة لظهور فنانة لبنانية ــ مهما كانت درجة احترافها ــ في شخصية سورية، والحديث بلهجتها. وهذا يحيلنا مجدداً إلى ظهور الممثلتين اللبنانيتين غيدا النوري، ونادين الراسي في مسلسل «سنعود بعد قليل»، إضافة إلى مشاركة الأخيرة في «منبر الموتى». كل ذلك، وسط مقارنة فطرية بعيدة عن التنظير النقدي بين تلقائية أداء نجومه، وبين «التصنّع»، وخصوصاً حين يتعلّق الأمر بأدوار سورية شديدة الخصوصية. لا صلة لهذا الموقع بنزعة شوفينية، بل بالذائقة التي تشكلت لدى المشاهد السوري مع الوقت، وهو مَنْ لا يزال يتصيّد عثرات نجومه الذين غزوا شاشات المحروسة، عندما يتحدثون باللهجة المصرية، ويختصر ذلك بجملة واحدة: «إيه مو زابطة معه».




حرب قطرية!

سريعاً، أدى تصريح سلافة معمار عن النجمات اللبنانيات إلى «حرب» شنّتها بعض الصحافة اللبنانية، معتبرةً الموضوع هجوماً شخصياً على «اللبنانيين». ولعل الصحافة تسهم هنا في تأخّر الدراما اللبنانية بدلاً من تصويب الخلل، والإشارة إلى مكامن الضعف في هذه الصناعة. كلنا يذكر أيضاً حين اشتعلت الحرب على المخرج والممثل سيف الدين السبيعي الذي انتقد اغتراب الدراما اللبنانية عن واقعها (الأخبار 10/10/2012). لكنّه رد يومها: «أستغرب شخصنة الموضوع بهذه الطريقة. سبق لي أن انتقدت الدراما السورية وأعمالاً أخرجتها بنفسي على مبدأ أنّ تقييم الذات يعتبر الطريق إلى حل أي مشكلة وإلى التقدّم والتطوّر. ثم أستغرب هذه الهجمة في بلد الحريات ضد شخص قدم رأياً مهنياً».