نظراً إلى ما شاهدناه على الشاشات المحلية في السنوات القليلة الماضية، لم يعد خافياً على أحد أنّ الدراما اللبنانية ــ وعلى الرغم من كل الملاحظات المسجّلة عليها ــ باتت عنصراً أساسياً ضمن البرمجة الخاصة بشهر الصوم. يأتي ذلك انسجاماً مع رهان المحطات على الأعمال الدرامية التي تنتمي إلى هذه الخانة خارج المنافسة الرمضانية أيضاً، مع الأخذ في الاعتبار أنّ مستوى بعض المسلسلات اللبنانية الخالصة آخذ في التحسّن، خصوصاً لناحية الاقتراب من الواقع وطرح مواضيع آنية تلامس الحياة اليومية للمواطنين، بعيداً من المواعظ والافتعال (مسلسل «ثواني» لكلوديا مرشليان وسمير حبشي على سبيل المثال).في 2019، تضم المائدة الدرامية الرمضانية سبعة أطباق محلية منوّعة لجهة القصص والطابع والمواضيع والأبطال. حصّة الأسد ستكون من نصيب «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بثلاثة مسلسلات: أوّلها «بالقلب» (كتابة طارق سويد، وإخراج جوليان معلوف، وإنتاج شركة G8 Production) الذي يلعب بطولته بديع أبو شقرا وسارة أبي كنعان بمشاركة كارمن بصيبص ودارينا الجندي وحسّان مراد وسمارة نهرا ورندة كعدي وغيرهم. ينتمي العمل إلى النوع الاجتماعي ــ التشويقي، تدور أحداثه حول التغيير الذي يطرأ على الإنسان عندما يواجه مشكلة كبيرة في حياته، تتسبّب في تبديل أحاسيسه ووجهات نظره تجاه مسائل معيّنة، حتى يصل إلى درجة رؤية الناس بعين أخرى، انطلاقاً من حكاية أمّ تتخلى عن ابنتها في عام 1985.
مسلسل لبناني خالص آخر وقع عليه اختيار lbci هو «أسود» من تأليف كلوديا مرشليان وإخراج سمير حبشي وإخراج شركة «إيغل فيلمز». يعدّ العمل من أضخم الإنتاجات اللبنانية، وتنبئ الإعلانات التشويقية الخاصة به بتجربة مختلفة على صعيد الدراما المحلية، مليئة بالغموض والحماسة. باسم مغنية وورد الخال وداليدا خليل على رأس قائمة الأبطال، ويؤدّون شخصيات مركّبة تعيش صراعات داخلية. صحيح أنّ القائمين على العمل حريصون على إحاطة حبكته بالسرّية، إلا أنّ الأكيد أنّه لن يخلو من جرأة الطرح وقصص الحب والانتقام.
بعيداً من دسامة المضمون وتعقيد الحكايا، اختارت القناة التي يديرها بيار الضاهر أن تطعّم برمجتها بمسلسل كوميدي «لايت» على تماس مع الشارع اللبناني. إنّه «دورة جونية جبيل» (تأليف رازي وردة، وإخراج علا حيدر، وإنتاج «مروى غروب») الذي سبق أن عرضت منه خمس حلقات فقط بدءاً من نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، قبل أن توقفه تفادياً لـ«ظلمه» في ظلّ المنافسة «الحامية» يومها.
يقدّم «بيروت واو 4» طرحاً جريئاً للدور الذي تقوم به جمعيات المجتمع المدني في لبنان


يرصد المسلسل يوميّات سائق باص يُدعى «مفيد»، يعمل على خطّ الدورة ــ جونية ــ جبيل في لبنان، ويمضي أيّامه على الطرقات ومع الركّاب، فتتوالى الأحداث المنوّعة المستقاة من صلب يوميّات اللبنانيين، وتغلب عليها المواقف الطريفة والموجعة في الوقت نفسه. لائحة الأبطال تضم: طوني نصير، وعبّاس جعفر، ودانا الحلبي، ومارسيل مارينا، وإليانا نعمة، وكلود خليل، وغيرهم. فضلاً عن مجموعة من ضيفات الحلقات، من بينهنّ الممثلات: ريتا برصونا، وريتا حرب، ورانيا عيسى، ورلى بقسماتي، وليليان نمري.
من جهتها، اكتفت mtv بمسلسل لبناني واحد هو «إنتي مين؟» (تأليف كارين رزق الله، وإخراج إيلي ف. حبيب) الذي تولّت إنتاجه بالشراكة مع كاتبته كارين رزق الله التي تتشارك البطولة مع عمّار شلق، في الوقت الذي أخرجه إيلي ف. حبيب. التزام الصمت حول طبيعة العمل هو السياسة التي اتبعها الفريق والمحطة العارضة، إلا أنّ مصدراً من داخلها لفت «الأخبار» إلى أنّ رزق الله تلعب دور امرأة فقيرة تُدعى «جهاد» وتعتبر نفسها منحوسة حتى في الانتحار الذي تفشل فيه مراراً. بعد آخر محاولاتها لوضع حدّ لحياتها، تنقلها جارتها «غادة» (آنجو ريحان) إلى المستشفى، حيث تهرب المريضة بمجرّد أن تستعيد وعيها. في طريقها، تلاحظ أنّ الجرّاح الشهير «نسيم» (عمّار شلق) يلاحقها لأنّه اكتشف أمراً غامضاً عنها يهمه. لـ«جهاد» والد مدمن على الكحول (نيكولا دانيال)، ويعيشان معاً في منزل قد يبدو غريباً بالنسبة إلى البعض، لكون الصبية تؤمن كثيراً بعلوم الطاقة والألوان. ومن بين الممثلين الآخرين المشاركين في «إنتي مين؟»، نذكر: أسعد رشدان، وجوليا قصّار، وعايدة صبرا، وشربل زيادة…

باسم مغنية وداليدا خليل في كواليس «أسود»

«الجديد» بدورها متمسّكة بعرض مشاريع محلية في رمضان 2019. هكذا، تستكمل المحطة عرض مسلسل «آخر الليل» (كتابة ديمتري ملكي، وإخراج أسامة الحمد، وإنتاج شركة «الصدى») الذي تبثه حالياً ويروي حكايا الفقراء والأغنياء. إلى جانب مسلسل اجتماعي ــ تشويقي يحمل اسم «موجة غضب» (تأليف زينة عبد الرزاق، وإخراج منير معاصري، وإنتاج إيلي معلوف)، يبرز الصراع الكبير بين الخير والشرّ، ويشارك فيه الممثلون: بيار شمعون، طوني مهنا، وعلي منيمنة، ونيكول طعمه، وجوي الهاني، جو صادر، وفادي ابراهيم، وخالد السيّد، وميشال أضباشي، وآخرون.
في الأعوام السالفة، كانت «المنار» تترك مساحة كبيرة لعمل لبناني يحاكي بيئة المقاومة. غير أنّه خلافاً للعادة، ارتأت المحطة أن تذهب نحو الكوميديا الاجتماعية في «فرج ورحمة» الذي أنتجه «مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني» وتركّز تصوير غالبية مشاهده في قرية جباع في إقليم التفاح (قضاء النبطية ــ جنوب لبنان) أمام عدسة المخرج السوري محمد وقّاف. العمل من كتابة اللبناني محمد النابلسي الذي لا تزال الجهة المنتجة تراهن عليه بعد سلسلة من التعاونات الناجحة، على شاكلة: «قيامة البنادق» (2013 ــ إخراج عمّار رضوان)، و«بلاد العز» (2017 ــ إخراج عاطف كيوان). في اتصال مع «الأخبار»، سبق لمدير المركز الحاج أحمد حوماني أن أوضح أنّ «فرج ورحمة» مؤلّف من حلقات متصلة منفصلة تدور أحداثها بشكل أساسي حول صراع بين «ثلاثة أجيال»: جدّ وجدّة يسكنان في القرية ومتمسّكان بالتقاليد والعادات، وأم وأب مهتمّان بالمصالح الشخصية، وأحفاد منغمسون في الحياة المدينية والعصرية إلى أبعد الحدود. وهو من بطولة منير كسرواني، ووفاء شرارة، وحسن حمدان، وسهير ناصر الدين، ومحمد شمص… فضلاً عن ضيوف شرف أمثال: سلاح تيزاني، ومجدي مشموشي، وسمير شمص، وميراي بانوسيان، وبيار شمعون، وبول سليمان.
للمرّة الأولى، تراهن «المنار» على كوميديا اجتماعية عبارة عن حلقات متصلة منفصلة


للسنة الرابعة على التوالي، يواصل الشاعر والمخرج اللبناني فادي ناصر الدين الغوص في شعاب الواقع، وإن كان هذا العام يزيد من جرعات الجرأة في طرح المواضيع. تنقلت الكاميرا بين مناطق لبنانية عديدة، من بينها تمنين وجرود الهرمل وبيروت ومخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، لتصوير الجزء الرابع من «بيروت واو» (إنتاج: «تلفزيون العربي» ــــ تنفيد الإنتاج: شركة «آرتريب») الذي شكّل حالة متفرّدة ومتقدّمة في الدراما المحلية، لصيقة بالواقع وأمينة لحياة اللبنانيين، بعيداً من عمليات التجميل والقصور الفارهة والشوارع المنمّقة والقصص المستوردة والأسماء المراعية لمبدأ «العيش المشترك». لغاية كتابة هذه السطور، لم يكن العمل قد حصل عل فرصة عرض على شاشة لبنانية بعد، فيما الأكيد أنّ وحدهم مشاهدي «تلفزيون العربي» القطري سيتمكنون من متابعة هذه التجربة اللبنانية البحت. القصة بحسب فادي ناصر الدين (كتب النص أيضاً) مستمرّة عبر أربع حكايا رئيسة تمزج بين الكوميديا السوداء ودرجات عالية من الدراما، أضيفت إليها خامسة تدور رحاها في مخيّم شاتيلا، معرّجاً على دور جمعيات المجتمع المدني في البلاد والتظاهرات المطلبية التي حرّكت الشارع في السنوات الماضية. «بيروت واو 4» مليء بالإسقاطات السياسية والمواقف الجريئة التي تعرّض صاحبها لانتقادات لا يكترث لها كثيراً ما دام يعمل وفقاً لاقتناعاته. بعد وفاة الكاتب والمسرحي والأكاديمي اللبناني زياد أبو عبسي، سيلعب الكاتب والناقد والمسرحي عبيدو باشا شخصية «أبو عبسي»، مع ندى أبو فرحات، ورودريغ سليمان، وبديع أبو شقرا، وسامي حمدان، ويارا أبو حيدر، وربيع الزهر، وطارق باشا، وزينب عساف، وميرنا العبد، وغازاروس ألتونيان، وروان قشمر، وساسين كوزلي، وشريف ديبة، ورائدة طه، وعليّة الخالدي، وفادي إبراهيم، وغيرهم.