هدف أغنيته إذاً هو أن تسخر من الموقف الذي يُنادي للتصويت. أمّا محاورها ـــ كما يشرح فرح ــ فهي مستمدة من «الحجج» الواهية التي تراهن الأحزاب العربية وكوادرها عليها («الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ــ الحزب الشيوعي الإسرائيلي»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«الإسلاميّة الجنوبية»، «والعربية للتغير»).
«إذا لم يحصل العرب على أغلبية/ في الكنيست الإسرائيلي/ سنتحول إلى شمينت (اسم نوع من الكريمة الحامضة التي اعتاد جزء كبير من فلسطيني الـ48 على أكلها تأثراً بالإسرائيليين)/ سيقومون بتمرير الكثير من القوانين العنصرية/ ككل الأشياء التي قاموا بفعلها من قبل» هذا ما تقوله الأغنية. يشرح فرّح أن هناك «حلماً غريباً تنشده الأحزاب العربية، وهو أن بإمكان المشاركة في الكنيست تغيير المنظومة بأكملها». وهنا يستذكر قانون أساس «يهودية الدولة» أو ما يُعرف بـ«قانون القومية»، فيقول إن «هناك من يدّعي أنه لو كان مع العرب صوتان إضافيان (عضوا كنيست) فقط، لما مرّ قانون القومية بأيّ قراءة، وصولاً إلى تشريعه أخيراً بالأغلبية». ولذلك فهو يستهزئ بكل بساطة بهذه المبالغة غير الواقعية، فيقول في كلمات أغنيته: «لو أنه كان معنا أعضاء كنيست اثنان آخران ربما سنقوم بتحويل الدولة إلى نعيم يساري، حيث كل شيء جميل، حيث يرقص العرب الدبكة، في أخبار الصباح».
لا فرق بين «يمين» أو «يسار» صهيوني في الموقف من الشعب الفلسطيني
وبذلك فهو يعبّر عن رأيه بالأهداف السياسيّة للأحزاب العربية المشاركة في الكنيست، فيقول إن «أهدافها (الأحزاب) watered down (غير كافية)؛ ربما قد يكون المشاركون في عملية الاقتراع أشخاصاً وطنيين، وربما أنجزت الأحزاب أهدافاً وطنية سابقاً طبعاً. ولكن الآن أعتقد أن أهدافها صوريّة».
«يتحدث هؤلاء (الأحزاب والمشاركون في الانتخابات) عن أنهم يريدون مساواة في دولة إسرائيل. ولكن ما ينادون لأجله ــ وربما لا يلاحظون ــ هو المساواة الشكلية». مثل ماذا؟ يجيب فرح «مثل أن يكون تمثيل أكبر للصوت العربي على الشاشات الإسرائيلية من طريق استضافة شخصيات عربية بأعداد أكبر، أو أن تبث الإذاعات العبرية أغاني باللغة العربية، أو أن تتضمن إشارات المرور واللافتات كلمات ترجمة سليمة للغة العربية عن العبرية». على هذا الأساس، فإن أهدافهم سطحية، ولذلك «أقول في الأغنية سيقومون بتمرير قانون يمنعنا من شرب الميرمية/ سيقولون لنا إنه غير قانوني/ تسمية القهوة بالعربية».
بالرغم من أهمية الميرمية (عيصقان) والزعتر، التي تمنع سُلطات الاحتلال قطفها بهدف قطع علاقة الفلسطيني بأرضه لكونها تمثّل جزءاً من هويته وثقافته في الادب والطبخ، يرى فرح أن كلمات أغنيته ربما تُعمّم نوعاً ما. لكن «بالفعل هناك بعض المصوّتين لأجل أمور في جوهرها ثانويّة».
ولأن هذه الأهداف، المرجو تحققها من عملية التصويت، هي هامشية بالمقارنة مع هدم البيوت وتهجير الناس وتفشي العنف وغيره، على المصوّتين، بحسب فرح، أن يُكملوا مسيرتهم التي تدعو إلى السُخرية بـ«فتذكروا، لكي تقوموا بتغيير المنظومة/ يجب أن تتبعوا قواعدها!/ لهذا في التاسع من نيسان/ استقلوا حافلة واتجهوا إلى البلدة/ علينا دعم/ حليفنا الوحيد، كاحول لافان (حزب «أزرق أبيض» تحالف حزبَي «مناعة لإسرائيل ــ برئاسة بني غانتس» و«هناك مستقبل ــ برئاسة يائير لابيد»).
أمّا التحالف مع حزب «أزرق أبيض» (أي تحالف الأحزاب العربية معه) فقد استخدمه فرح في الأغنية لكون كثراً من هؤلاء يدعون من دون حياء إلى أنه «يجب أن تكون هناك شراكة عربية مع ما يُسمى اليسار الإسرائيلي (المتمثل في غانتس، رئيس هيئة الأركان الأسبق الذي قاد العدوان عام 2014 على غزة) من أجل إسقاط اليمين المتمثل برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو». في المقابل، فإنه في حقيقة الأمر ليس هُناك فرق بين «يمين» صهيوني أو «يسار» صهيوني في الموقف من الصراع الوجودي مع الشعب الفلسطيني.
بالنسبة إلى اللحن، فهو أيضاً من تأليف الشاب فرح «هو بسيط وليس فيه تعقيدات، وليس له قصة مميّزة. القسم الأول والثاني يُذكر بموسيقي Brit- Pop من التسعينيات. والقسم الثالث هو خليط من الـ Irish-Pop». صحيح أن فرح يكتب الكلمات ويُلحن ويعزف الموسيقى «لأجل الاستمتاع كما يقول»، وصحيح أن مئات فقط يُتابعونه على صفحاته في موقعي إنستغرام وفايسبوك من أبناء شعبه، وتحديداً فلسطيني الـ48 المُخاطبين هذه المرّة تحديداً، ولكن ما فعله في أغنية April 9th قد يُعدّ «اكتشاف الموسم».