مجدداً، تعود قناة «التونسية» إلى واجهة الأحداث في تونس، بعد عرض برنامج «لمن يجرؤ» الذي يقدمه سمير الوافي. الحلقة التي بُثّت الأحد الماضي، تناولت تطوّرات الأسبوع الماضي بعد قتل أعضاء مجموعة إرهابية في الضواحي الشمالية للعاصمة، بينهم كمال القضقاضي، المتهم الأول في اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد. كما قُبض على مجموعة أخرى متورطة في عمليات إرهابية في جبل الشعانبي، وفي اغتيال الزعيم الناصري محمد براهمي.
في الحلقة، استضاف الوافي والد القضقاضي والشيخ السلفي خميس الماجري، والمحامي حسن الغضبان الذي كان من مؤسسي «الجماعة الإسلامية» أواخر الستينيات، قبل تأسيس «الاتجاه الإسلامي» الذي تحوّل في الثمانينيات إلى حركة «النهضة». وإذا استثنينا الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي، وبدرجة أقل الضابط المعزول من الداخلية يسري الدالي، فإنّ بقية آراء الضيوف كانت تصبّ في تبرئة المجموعة، بل إنّ خميس الماجري اعتبر القتلى «شهداء»، ووصف أسامة بن لادن بـ«الشهيد»!
مداخلات الضيوف جاءت لتشكّك بالرواية الرسمية حول العمليات الإرهابية، كما تمت الاستهانة بشهداء الأمن والجيش وبراهمي وبلعيد. في هذا السياق، اتهمت نقابات الأمن وعائلات الشهداء القناة بـ«تبييض الإرهاب وتجميله» في إطار «صفقة» بين سامي الفهري وحركة «النهضة». واعتبرت أنّ مالك القناة سامي الفهري خرج من السجن بموجب هذه الصفقة (الأخبار 27/8/2012 ــ 5/1/2013). هذا ما أكّده النقيب السابق لنقابة الصحافيين ناجي البغوري-.
من جهتها، أصدرت نقابة الصحافيين بياناً دعت فيه إلى «عدم الحياد في التعامل مع ملفّ الإرهاب، وإدانة محاولات تجميل الإرهابيين التي تقوم بها بعض القنوات التي يُشتبه في تمويلها وفي علاقة بالمال الفاسد». واعتبر بعض الإعلاميين أنّ التحالف غير المعلن بين الشريك الجديد في رأس مال «التونسية» سليم الرياحي وحركة «النهضة» وطموحه في الترشّح للانتخابات الرئاسية، وسعي الفهري لإقفال ملفاته القضائية، تشكّل سرّ التحوّل في الخط السياسي للقناة التي تحظى بأعلى نسبة مشاهدة.
الجدل الذي أثاره «لمن يجرؤ» جاء بعد استضافة زعيم «النهضة» راشد الغنوشي، وتزامن مع إقالة فوزي بن مراد من قناة «حنبعل» بعد استضافته للكاتب عبد الباري عطوان الذي وجّه له الكثير من النقد، ما أزعج رئاسة الجمهورية. كما سبقته مغادرة سفيان بن فرحات، وسفيان بن حميدة، وزياد الهاني وغيرهم من «المشاغبين» الذين يقودون معركة «استقلالية الإعلام» في مشهد بدأ يتحكّم به المال السياسي.