مع اقتراب الشهر الماضي من نهايته، أنهى الشاعر والمخرج اللبناني فادي ناصر الدين تصوير الجزء الرابع من المسلسل اللبناني «بيروت واو» (إنتاج: «تلفزيون العربي» ــــ تنفيد الإنتاج: شركة «آرتريب») الذي تولّى كتابته وإخراجه. تنقلت الكاميرا هذه السنة بين مناطق لبنانية عدّة، من بينها تمنين وجرود الهرمل وبيروت ومخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت. على مدى السنوات الماضية، أثبت «بيروت واو» أنّ الدراما المحلية يمكن أن تكون لصيقة بالواقع ومرآة أمينة ليوميات المواطنين، بعيداً من عمليات التجميل والقصور الفارهة والشوارع المنمّقة والقصص المستوردة والأسماء المراعية لمبدأ «العيش المشترك». راهن العمل على استعادة شريحة من المشاهدين استبعدتها الشاشة الصغيرة خلال السنوات الماضية، بسبب بُعد مشاريعها الدرامية عن الناس وحيواتهم. لا نحمّل ضميرنا إذا قلنا إنّ المسلسل مُنجز باحترافية عالية وبأسلوب سينمائي. «سنكمل الأحداث من حيث توقفنا في الجزء الماضي»، يقول ناصر الدين لـ«الأخبار»، أي أنّ الحكاية مستمرّة عبر أربع قصص رئيسة تمزج بين الكوميديا السوداء ودرجات عالية من الدراما. أضيفت في هذا الجزء قصة تدور رحاها في مخيّم شاتيلا: «المخيمات جزء من بيروت، وسنسلّط الضوء على ما يجري فيها من خلال شاب فلسطيني يبحث عن عمل كما كل الشباب الذين يعانون البطالة، ووالدته «إنكفاح»...». ويشير إلى أنّه سيتم التعريج على المجازر التي حصلت في المخيّم في الثمانينيات، موضحاً أنّ التصوير داخل المخيّم كان «صعباً على المستويات كافة، ولا سيّما لناحية ضبط حركته».
هذا ليس كل شيء، إذ لن يغض فادي الطرف عن جمعيات المجتمع المدني في بلاده والتظاهرات المطلبية التي حرّكت الشارع في السنوات القليلة الماضية. بواسطة عدسته والسيناريو الذي أعدّه بعناية، سيقول كلمته بحزم ويعبّر عن «الشكوك حول الحراك الذي حصل وارتباطه بالسفارات، وحول الإعلام وكيفية تغطيته لها… ما بقا نعرف مين عم يشتغل عند مين»! في هذا السياق، يشدّد ناصر الدين على أنّه يتناول «المشهد العام الذي لا يخلو من بعض الاستثناءات طبعاً». يغصّ «بيروت واو 4» بالإسقاطات السياسية في ظل طرح «جريء» قد يعرّض صاحبه لانتقادات يبدو أنّه لا يعيرها الكثير من الاهتمام: «عم بشتغل قناعاتي بغض النظر عن الآراء المعاكسة».
طرح جريء للدور الذي تقوم به جمعيات المجتمع المدني في لبنان


ليس في المسألة «بطولة» بالنسبة إلى صاحب ديوان «مِتْل مْنام» (1995 ــــ دار الجديد)، لأنّه يتعيّن على الشغل «ملامسة الواقع، أو بالأحرى تحويل الواقع إلى الفن. في هذا الجزء، السقف أعلى لجهة التشعّبات والكاركتيرات والربط في ما بينها».
قائمة الأبطال حافظت على عناصرها مع دخول أسماء جديدة على الخط، وهي مؤلفة من ممثلين تعرفونهم جيّداً. بعد وفاة الكاتب والمسرحي والأكاديمي اللبناني زياد أبو عبسي، العام الماضي، أوكلت شخصية «أبو عبسي» إلى الكاتب والناقد والمسرحي عبيدو باشا الذي سيدخل على خط ما يجري في «المنطقة والبلد والفساد». بعد قطيعة مع الدراما التلفزيونية منذ السبعينيات، أغرى النص الواقعي عبيدو ودفعه إلى العدول عن رأيه، كونه رأى أن لا مناص من المشاركة في العمل الذي «يشكّل إضافة بالنسبة إليّ»، وفق ما قال في إحدى المقابلات المتلفزة. إلى جانب باشا، يضم العمل: ندى أبو فرحات، رودريغ سليمان، بديع أبو شقرا، سامي حمدان، يارا أبو حيدر، ربيع الزهر، طارق باشا، زينب عساف، ميرنا العبد، غازاروس ألتونيان، روان قشمر، ساسين كوزلي، شريف ديبة، رائدة طه، عليّة الخالدي، فادي إبراهيم وآخرين.
كما الأجزاء الثلاثة السابقة، سيُعرض «بيروت واو 4» في رمضان على «تلفزيون العربي» الذي تبنّى هذا المشروع، رغم أنّه «لبناني بحت». لكن فادي ناصر الدين يلمّح إلى أنّه قد تتسنّى للجمهور المحلي متابعة المسلسل قريباً عبر شاشة لبنانية، لم يشأ الكشف عنها لأنّ «المفاوضات لم تنته بعد».