نواكشوط | بعد تزايد التحذيرات من كارثة إنسانية في موريتانيا بسبب المجاعة، دعت منظمات دولية من بينها الأمم المتحدة، أول من أمس، إلى توفير دعم عاجل لإنقاذ أكثر من نصف مليون موريتاني يعانون المجاعة في جنوب شرق البلاد.
مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، رشيد خاليكوف، شدّد على أنّ مهمة البعثة في موريتانيا التي دامت خمسة أيام، مكّنتها من الاطلاع على الأوضاع الإنسانية هناك ميدانياً، موضحاً أنّ مهمتها «كانت مزدوجة»، وتثّملت في «إسعاف الفئات الأكثر هشاشة، وبناء القدرة على التكيّف لدى السكان الذين يواجهون خطر التعرّض للأزمات مجدّداً». وحذّرت منسقة برنامج الأمم المتحدة في موريتانيا، كومبا مار غاديو، من خطورة تردي الأوضاع المعيشية في جنوب شرق البلاد، مؤكدة على الحاجة إلى أكثر من 180 مليون دولار أميركي، لتمويل مشاريع وبرامج لسدّ الفجوة الغذائية، لاسيما في المناطق المتضرّرة من الجفاف. الصرخات الدولية تعالت لأنّ الموريتانيين في المناطق الزراعية الرعوية، يعانون من أزمة غذائية غير مسبوقة، بسبب الجفاف الذي ضرب دولة ما زالت تعتمد في زراعتها وتربية الحيوانات على الأمطار. كما يعاني أهلها من تبعات الوضع في مالي المجاورة، حيث استقبلت موريتانيا ربع مليون من سكّانها الذين لجأوا إليها بسبب الحرب، فيما لا يزال نحو 60 ألفاً منهم في موريتانيا ويرفضون العودة إلى بلادهم. وفي هذا السياق، أعرب مسؤولون عرب ضمن وفد المنظمات الدولية عن «دهشتهم» من واقع الريف الموريتاني، إذ أكدت فائفة الصالح، مساعدة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وعطاء المنان بخيت، الأمين العام المساعد لـ«منظمة المؤتمر الإسلامي»، على ضرورة «الإسراع في تقديم الدعم للمتضررين». وسط هذه الأوضاع المأسوية، توجّه ممثلون عن دول عربية عدة مثل السعودية وقطر إلى موريتانيا، لرؤية الظروف القاسية التي يعانيها سكان مناطق يُطلق عليها اسم «مثلث الفقر»، بدعوة من الأمم المتحدة. تزامناً مع هذه الزيارة، سأل الموريتانيون عن طبيعة الدعم الذي ستقدّمه لهم هذه الدول العربية، خصوصاً أنّها تأخذ على نواكشوط استقلالية موقفها السياسي، وعلاقاتها المميّزة مع النظامين الإيراني والسوري. رأي، يوافق عليه مراقبون موريتانيون، ويؤكدون أنّ غياب الدعم العربي عن موريتانيا يعود لـ«أسباب سياسية». الأكيد أنّ قلق موريتانيا من الدعم العربي، وشكّها بجديته، مشروع لأنّ لها تجربة سيئة مع قطر. فالدوحة التي تحتضن على أراضيها معاوية ولد الطايع، رئيس موريتانيا السابق ومهندس علاقاتها مع إسرائيل، كانت قد ماطلت خلال الأعوام الماضية في تمويل مشاريع سبق أن وعدت بها.