بعيداً عن برامج الموضة والجمال التي تدّعي أنها تحمل لواء المرأة، في حين تختزلها بالمواضيع السطحية، أطلّ برنامج «من حَقّكْ» الذي بدأ عرضه على قناة otv (الأحد بعد نشرة الأخبار المسائية) في أوّل الشهر الجاري. على الرغم من أن مقدمته دانيا الحسيني لا تتمتع بخبرة واسعة في مجال التلفزيون، وبدا ذلك ظاهراً من خلال تلعثمها خلال الحوار. إلا أنها استطاعت أن تحاور ضيوفها جيداً، وتترك لهم المجال من دون مقاطعتهم. صحيح أنّ البرنامج لم يتخلّص من فخّ الكليشيهات التي تصل إلى حدّ الابتذال، على غرار «من حقّك تكوني سلطانة. من حقّك تكوني ملكة. من حقّك يكون إلك برنامج. إنتي اللي شغلتي المجتمعات»، إلا أنّه يعالج قضايا وشؤوناً ومشاغل محدّدة تصبّ في أولويات المرأة، مثل حقها في إعطاء الجنسية لأولادها. في الحلقة الأولى من «من حَقّكْ»، أطلّ الإعلامي جورج قرداحي والممثل السوري عابد فهد في حوار مفتوح عن مشاكل المرأة، وكيف يدعمانها لتخطّي العقبات التي تقف في وجهها. نقاش عفويّ خالٍ من التصنّع ومحرّر من القيود، ويكفي أنّ البرنامج بسيط ولا يتضمّن مواعظ للمرأة تصدر عن الرجل.
بل يدلي الأخير برأيه في حقوق المرأة المسلوبة التي لا تعدّ ولا تحصى، رغم أنّه يؤخذ على البرنامج أنّه لا ينقلب على المنظومة الذكورية، بل يستضيف الرجل للتحدّث عن المرأة ونظرته إليها! تحدّث جورج قرداحي عن نظرته إلى المرأة عموماً، مؤكّداً أن حقوقها ستكون في سلّم أولوياته في حال فوزه بالانتخابات النيابية المقبلة عن المقعد الماروني في دائرة كسروان (محافظة جبل لبنان). بينما عاد فهد بالذاكرة إلى الوراء، مستحضراً صورة والدته التي شبّهها بباقي الأمهات الطموحات. يتضمّن البرنامج فقرات عدّة؛ منها واحدة تروي قصّة شهود عاشوا بعض التجارب القاسية بحقّ المرأة، إلى جانب بعض الاختصاصيين. ثغرة نافرة وقع فيها البرنامج، وكان من الأفضل التخلّي عنها، عندما تجلس إحدى النساء على كرسي كبير من دون أن تكشف عن وجهها، وتتحدّث عن مشاكل المرأة. وقبل نهاية الحلقة، تملك حرّية الاختيار في الإعلان عن هويتها. هذه الفقرة لا تقدّم ولا تؤخّر في مجريات «من حَقّكْ»، بل بدت كأنّها تعبئة للهواء لا أكثر، وكان يمكن الاستغناء عنها والتعويض بالإضاءة على تجربة امرأة ناجحة في المجتمع.
في الحلقة المقبلة من «من حَقّكْ» (بعد غد الأحد)، ستطلّ سيدة تقود سيارة أجرة، وأخرى تقود باص مدرسة، وستروي لنا الكابتن رولا حطيط تجربتها مع عالم الطيران والصعوبات التي لاحقتها. كما سيتحدث وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال نقولا صحناوي عن نظرته إلى المرأة. لم يكتشف برنامج «من حَقّكْ» «البارود» كما يُقال، ولم يحدث ضجة في عالم البرامج التلفزيونية، أو يوجِد حلولاً لمشاكل المرأة. إلا أنّه على الأقل يضيء على القضايا الحقيقية التي تشغل المرأة اللبنانية. خلف الـ«فترينة» البرّاقة التي تروّج للبنان بلداً للحريات والانفتاح، تقبع المرأة، نصف المجتمع، في الظلمة، معانيةً شتى أنواع الإجحاف والتهميش والعنف الأسري. وما حصل لمنال العاصي قبل أيام أوضح مثال على ذلك.

* «من حَقّكْ» كل أحد بعد نشرة الأخبار المسائية على otv

يمكنكم متابعة زكية ديراني عبر تويتر | @zakiaDirani