من المعروف في سوريا بأن أعياد الميلاد ورأس السنة هي المناسبات التي تحظى بالحصة الأكثر شعبية وانتشاراً، إلى درجة تداول دعابات على السوشال ميديا يتهكّم فيها بعضهم على المبالغة الحاصلة في الأيام الأخيرة من كلّ سنة، رغم الخراب الذي يسوّر البلاد الخارجة لتوّها من المعارك. لكن يمكن القول بأن صفحة الحرب قد طُويت، أقلّه في دمشق وعدد كبير من المحافظات السورية الرئيسية، وقد عادت الطقوس الاحتفالية إلى سابق عهدها، وإن نغّص عليها الظرف المادي، والضغط الخدماتي، وانقطاع بعض المواد الأساسية بين الفترة والأخرى. وعلى الرغم من تصنيف العاصمة السورية كواحدة من أخطر المدن في العالم، إلا أن مشواراً قصيراً هذه الأيّام في شوارعها يكشف تمسّكها بأجواء العيد المعتادة. الشوارع مزينّة بالأضواء، وأشجار الميلاد، مع تثبيت شاشات عرض كبيرة أمام بعض المحلات، وانتشار اللافتات الطرقية التي تعلن عن برامج السهر في ليالي العيد. كل ذلك وسط ازدحام كرنفالي في الأسواق والمطاعم والمقاهي. وإن لم تفصح أماكن السهر حتى الآن عن مفاجآتها كاملة المعدَّة لسهرات الميلاد ورأس السنة، ولم يرتبط نجوم الغناء العربي بحفلات في دمشق، علماً أن عدداً كبيراً منهم عاد لإحياء حفلاته فيها خلال الفترة الماضية، إلا أن استثناءات قليلة من حفلات النجوم صارت معروفة بالنسبة للجمهور، ومنها حفلة زياد برجي التي أعلن عنها في فندق «داما روز» يوم 23 من الشهر الجاري، إضافة إلى إعلان سابق للمغني اللبناني رامي عيّاش عن إحيائه سهرة ليلة عيد الميلاد في أحد فنادق سوريا، إلى جانب المغني السوري عماد رمال واللبنانية قمر. على صعيد آخر وبالنسبة إلى الحالة الإعلامية، فمن البديهي القول بثقة بأن التلفزيون السوري لن يأتي بجديد يُذكر. ستقتصر سهراته المعدَّة خصيصاً لهذه المناسبة، على استضافة نجوم الغناء والدراما، وفق خلطة تقليدية على الشكل الذي جرت فيه العادة لمثل هذه السهرات في السنوات السابقة، من دون محاولة ابتكار صيغة معاصرة تخصّ هذه الأمسيات، علّها تكون ملاذاً لمن تخذله ظروفه، ولا يتمكّن من السهر خارج المنزل.
يحيي زياد برجي حفلة في الشام غداً

لكن يبقى الرهان الإعلامي في سوريا هذا العام على برنامج «كاش مع النجوم» الذي تنتجه إحدى شركات الاتصالات، وتعرض حلقته الأولى على الفضائية السورية ليلة الميلاد. البرنامج الذي يقدّمه الممثل والمخرج سيف الدين السبيعي يوزّع جوائز مالية تصل إلى 350 مليون ليرة سورية (ما يقارب 700 ألف دولار أميركي). يكشف مخرج «الحصرم الشامي» (تأليف فؤاد حميرة) في حديثه مع «الأخبار» بأن تجربة التقديم «جديدة بالنسبة إليّ، وسأبذل كلّ جهدي لتكون بأفضل أحوالها، وتحقق نجاحاً وقبولاً لدى الشارع، وسيكون هناك ضيف من نجوم الدراما في كلّ حلقة، على أن تخصص الحلقة الأولى للنجم سلّوم حداد».
يفتح البرنامج أبواب مشاركاته من خلال بعث رسائل قصيرة على أرقام معينة، ومن ثم يتم اختيار أرقام عشوائية يتصل بها فريق البرنامج، ليحيل أصحابها على الهواء ولا يتركهم يغادرون من دون تحقيق جوائز مالية وعينية ثمينة، وقد تمّ تجهيز استديو بشكل مترف ضمن استديوهات التلفزيون السوري. أما على مستوى السينما، فتحقق سوريا سابقة من خلال دخول السينما التجارية على الخط، في محاولة لاستثمار مناسبة الميلاد ورأس السنة واستقطاب أكبر شريحة ممكنة من الجمهور. يتمثل ذلك في إطلاق فيلم «بوط كعب عالي» (إنتاج طارق مرعشلي وبسّام مطر وإخراج نضال عبيد ــ وبطولة: طارق مرعشلي، محمد حداقي، محمد الحمصي، أندريه سكاف، هيا مرعشلي، ميريانا معلولي، مازن عبّاس، سوسن ميخائيل، ومصطفى المصطفى...) في الصالات المحلية بدءاً من 27 كانون الأول (ديسمبر).
تعوّل الفضائية السورية على برنامج «كاش مع النجوم» الذي تعرض حلقته الأولى ليلة الميلاد

الشريط بحسب تصريحات صنّاعه لنا هو عبارة عن وجبة كوميدية خفيفة، تنطلق من خلال الحديث عن معاناة شابين يتخلّفان عن خدمة العلم الإلزامية، ويضطران للتنكّر في زي فتاتين، وحمل هويتي أختيهما التوأم المقيمتين خارج البلاد، ثم تحطّ بهما الرحال في المدينة الجامعية. هناك يقرران تنظيم رحلة سياحية، لكن سرعان ما يتحوّل المشوار الترفيهي إلى درب محفوف بالمخاطر بعد أن تتوه الحافلة، وتصل إلى مناطق يسيطر عليها المسلّحون، لتبدأ معاناة من نوع آخر!
الأعياد هذا العام في سوريا تعلن صراحة عن بداية التعافي من الحرب، وبدء التفكير التجاري السليم لاستثمار هذه المناسبة ليس من خلال الحفلات الغنائية المعتادة فحسب، بل أيضاً عن طريق إطلاق برنامج مسابقات تلفزيوني، وفيلم سينمائي تجاري!