يتألف هذا المشروع من أربعة أجزاء، وقد صدر أخيراً، الجزآن الأول والثاني بعنوانين فرعيين مختلفين «حوارات مع شعراء نائمين في غُرف الغيب» (الهيئة العامة السورية للكتاب)، و«شعراء برائحة الكآبة والجنس والانتحار» (دار ميم- الجزائر). كأن هذا الشاعر العراقي يستكمل من منفاه في الدنمارك، خطط المعرّي ودانتي في محاكمة الشعراء، لكن من مطرحٍ آخر، إذ يقتحم طمأنينة الشعراء الموتى ويوقد حطب المخيّلة في مواقدهم، و«ضخ الدماء بجثثهم، لينبعثوا على الأرض مرّة جديدة، ولكن بعد كشف عام لحسابات كل شاعر». وكان من أبرز من حاورهم: المعرّي، والمتنبّي، وعمر الخيّام، وسيلفيا بلاث، وآنّا أخماتوفا، وفرناندو بيسوا، وفروغ فرخزاد، وإيف بونفوا، ومحمود درويش، وبدر شاكر السيّاب، وسركون بولص، وسعيد عقل، وأنسي الحاج، ونادية تويني، ومحمد الماغوط، وجلال الدين الرومي، وسان جون بيرس، وخليل حاوي، في 13864 سؤالاً وجواباً. ويشير عقل العويط في مقدمته للكتاب الثاني إلى أن أسعد الجبوري «يمعن في حواراته الشعرية الافتراضية، الكونية النطاق، مع شعراء كبار، معلومين ومجهولين، إمعاناً معرفياً وثقافياً وحدسياً، مطواعاً، ينمّ عن اطلاعٍ موسوعي دقيق، وعن تمرّسٍ بالشعرية العالمية، وعن ذكاءٍ وعمق وإدراك ولطافة. فهو لا يفوته جوهرٌ أساسي، مثلما لا يفوته تفصيل».
يتألف المشروع من أربعة أجزاء، صدر أخيراً، الجزآن الأول والثاني منه
ويضيف: «وبقدر ما يلاحق الشعراء الراحلين في حيواتهم الشخصية، والعامة، كما في تجاربهم الأدبية، وعلاقاتهم بالذات والآخر والكائنات والأشياء والعالم، يعتمد الرصانة التوثيقية التي تغطّي اهتمامات هؤلاء الشعراء، وميولهم وانتماءاتهم الأدبية والنقدية، مثلما يعتمد التذكير بأهمية الخفة التي تأخذ بالحوارات إلى مطارح تأويلية في تجربة كلّ شاعر، غير متوقعة وغير منظورة». في حواره مع آرثور رامبو، يسأله: «هل كنت شاباً رائياً يقود كتيبة جند الحداثة على سبيل المثال؟» فيجيبه «في ذلك الوقت، لم أشغل نفسي بالنظريات. كنت كنزاً وانكسرتْ أقفالهُ على حين غرة. وما تقوله أنت عن الحداثة وكتيبة المحدثين، هو شيء كان غائباً عني تماماً. فأنا كرستُ الشعرَ في نفسي نجمةً ثملة بخمر أحمر، ولم أظن يوماً بأن الشعر عندي بمثابة فانوس، يمكن أن يتعرض لأي حركة من حركات هبوب الريح، فيموتُ ضوءاً ومعنى».