في قصر فخم، وبعين فيليب أسمر الإخراجية التي عوّدتنا على الجاذبية والإبهار، تجري أحداث سباعية «شهر عسل» (قصة وسيناريو وحوار كلوديا مرشليان ــ إنتاج «غولدن لاين»)، ضمن سلسلة «الحب جنون» على «الجديد». العمل الذي ينتهي بعد غد الأربعاء، تخللته مفاجآت عدة، لا سيّما على صعيد الأداء وظهور ممثلين في أدوار برعوا في تجسيدها، كشخصية «وعد»، الشاب الذي تعرّض لحادث في صغره وخسر والدته وأصيب بشلل. للمرّة الأولى، يُظهر عيسى أداءً لافتاً في شخصيّة مركّبة، تخلط ما بين الاضطراب النفسي وفي علاقته مع محيطه ومع نفسه من جهة، وبين إظهار مشاعره لحبيبته. تدور القصة في قصر «رائد بك» (جوزيف بو نصار)، حيث تأتي «نور» (إيميه صيّاح) لمساعدة «وعد»، وإذ بها تقترن بأخيه غير الشقيق «مجد» (فريد شوقي) بعد أن تحمل منه، ثم يذهبان سوية إلى الهند لقضاء شهر العسل، فيُقتل هناك وتعود الأرملة الشابة إلى القصر، لتبدأ سلسلة ألغاز بالتكّشف.العمل الذي يتسم بصورة جذابة وكادرات استطاعت الإفادة من الأمكنة الشاسعة (القصر)، أو الضيّقة كأحياء الفقر (عند أهل «نور»)، وقع في أفخاخ كان بالإمكان تجنّبها في رسم الشخصيّات التي وُضعت في إطار نمطي مكرور. مثلاً، قصدت مرشليان تكريس الثنائية التي ملّها المشاهد (الفقر المدقع والغنى الفاحش، وقصة الحب التي تنتشل البطلة من مستنقع بؤسها)، عدا ربطها لطائفة معيّنة بالفقر والبشاعة والجهل والغوغائية. هذا ما ظهر في تصوير عائلة «نور» المؤلفة من والدتها (ريموند عازار) وخالتها (مارينال سركيس) وابنها «زهير» (وسام صليبا).
لعلّ الحوار الذي دار بين الأم وشقيقتها في مطار بيروت أثناء انتظار «نور»، دليل كافٍ على التنميط، إذ بدت سركيس امرأة تتصرّف بغوغائية وقلة دراية بالأعراف الاجتماعية، عدا تردادها لأنّ ابنة أختها، أي «نور»، جميلة جداً وكانت تجزم طوال حياتها بأنّها لا تنتمي إلى عائلتها!
إذا وضعنا هذه الثغر الدرامية جانباً، فإنّ مسار الحلقات السبع لـ «شهر العسل»، بدا جذّاباً ومشوّقاً، خصوصاً أنّ الكثير من الشخصيات ظهرت بوجوه مختلفة، مغايرة لتلك التي اقتنعنا بها في الحلقات الأولى.
وهذا ما حدث مع «نور» التي برعت إيميه في تجسيدها. فقد ظهرت الفتاة في البداية منكسرة وحزينة بعد موت زوجها، ليتبيّن لاحقاً أنّها لعوب متورّطة في مقتل زوجها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى رولا حمادة، الأم التي خسرت ابنها، واستطاعت بكثير من البساطة (يكاد الماكياج أن يكون معدوماً) والصدق في الأداء، النجاح في إشعارنا بحزنها ومأساتها. ويمكن القول إنّ طوني عيسى نجح في دور «وعد» بكل تفاصيله وصراعاته مع ذاته، لا سيّما بعد انكشاف لغز الجريمة. كان لافتاً أيضاً في الحلقات الماضية، جمع الأحداث الماضية بالمستجد بكثير من التشويق، مع الكشف عن المزيد من الحقائق وخيوط الجريمة والمتورطين فيها.
باختصار، كنّا أمام قصة ممتعة شكلاً ومعالجة، تحمل دسامة درامية وجاذبية بصرية عالية.

* الحلقة الأخيرة من «شهر عسل»: بعد غد الأربعاء ــ 20:40 على «الجديد»