القاهرة | أصبح الشاعر السكندري الشاب عمر حاذق أول شاعر مصري يُسجن بتهمة التظاهر بعدما قضت محكمة الاسكندرية الأربعاء الماضي بحبسه لمدة عامين وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه (نحو 72000 دولار) بتهمة المشاركة في وقفة تضامنية احتجاجية ضد قتلة الشهيد خالد سعيد «من دون حيازة تصريح» وفق قانون التظاهر، الذي أُعلن عنه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. الوقفة ضمت ناشطَين سياسيين بارزين سُجنا أيضاً هما حسن مصطفى وماهينور المصري المعروفة بـ «غيفارا البنات». وعلى الرغم من توقيف حاذق قبل شهر من الحكم بحبسه، الا أنّ «اتحاد كتاب مصر» لم يتحرك لمناصرة الشاعر، بدعوى أنّه ليس عضواً فيه، وفق تأكيدات رئيس الاتحاد محمد سلماوي، الذي قال لـ «الأخبار»: «أتابع تطورات القضية مع محامي الاتحاد للنظر في ما يمكن اتخاذه من اجراءات». في المقابل، أبدى مثقفون على مواقع التواصل الاجتماعي تضامناً واسعاً مع الشاعر الشاب.

وصدر قبل أيام بيان تضامني أكد أنّ حبس حاذق جرى «بناءً على قانون لم يجرِ التوافق عليه، وفُرض وفقاً لرغبة النظام في مصر بعد «30 يونيو» في خنق الروح الثورية التي ما زالت تحيا وتنبض وتطالب بحقوق الشهداء ومطالب «ثورة 25 يناير»». ورأى البيان أنّ جملة الاتهامات الموجّهة إلى الشاعر «تؤكد عودة الأساليب الأمنية للسيطرة على مقدرات أبناء وطن ثاروا ضد فساد نظام اغتال خالد سعيد، الذي كان مصرعه على يد جهاز الشرطة الفاسد سبباً من أسباب خروج الناس في «25 يناير»».
ومن المتوقع أن يتحول حاذق الى أيقونة ثورية تخص الجماعة الثقافية التي تعاني تناقضات شتى إزاء تقويم الوضع العام في مصر اليوم، وخصوصاً أنّ الشاعر المحبوس كان من أبرز الناشطين الذين تحركوا عقب «ثورة 25 يناير» للعمل على فضح ما سماه ملفات الفساد في مكتبة الإسكندرية، التي يعمل فيها. يومها، واجه مدير المكتبة إسماعيل سراج الدين باتهامات تتعلق بالفساد، لكنّ محكمة الجنح الاقتصادية في الداخلية حكمت ببراءته من تهمة السب والقذف في القضية، التي رفعها ضده مدير المكتبة إسماعيل سراج الدين، بسبب مقالاته الناقدة التي قال فيها إنّ هناك فساداً مالياً وإدارياً في مكتبة الإسكندرية. وتناولت هذه المقالات علاقة سراج الدين برئيسة مجلس أمناء المكتبة سوزان مبارك. ولعل ذلك ما يفسّر أيضاً عدم إصدار مكتبة الإسكندرية التي يعمل فيها الشاعر أي بيان للتعليق على واقعة حبسه، باستثناء بيان من نقابة العاملين فيها. عند توقيفه وقبل الحكم القضائي بحبسه، دعت النقابة الجهات المسؤولة عن اعتقال حاذق إلى «استشعار روح المسؤولية تجاه الوطن وأبنائه المناضلين من أجل رفعته وكرامته».
لحاذق الذي يتسم شعره بنزعة رومانسية واضحة، ديوان مشترك بعنوان «فضاءات الحرية»، ضم قصائد له وللشاعر السوري عبد الوهاب عزاوي والشاعر البرتغالي تياغو باتريشيو، والشاعر الإيطالي نيكي داتوما، وصدر بالعربية والإنكليزية عن «دار يدوية» في بداية عام 2011.
وعرف حاذق على نطاق واسع في مصر، عندما حصل على المركز الثاني في «جائزة أمير الشعراء» في الإمارات، وقبلها دُعي إلى مهرجان «الحب والسلام» في إيطاليا كشاعر متميز.
وتتواصل في مصر العديد من الفعاليات التضامنية مع حاذق: من المقرر أن تقيم «مكتبة الكابينة» في الإسكندرية أمسية شعرية خاصة للتضامن معه غداً الخميس، بدعوة من «جبهة الدفاع عن الحقوق والحريات» في الإسكندرية وبالتعاون مع «مؤسسة جدران». وستتضمن الأمسية عرض فيلم تسجيلي عن عمر حاذق ورفيقيه الصادر بحقهم الحكم لتبيان حقيقة ما حدث.
ويتحدث في الأمسية شهود عيان من أصدقاء الشاعر.
من ناحية أخرى، دعت صفحة «كتاب الشعر» التي يحررها الشاعر هشام الصباحي على الفايسبوك، إلى مسيرة إلكترونية تضامنية مع حاذق «لا تخضع لقانون التظاهر، على أمل الوصول الى مئة ألف توقيع ورسالة احتجاجية تمثل أداة ضغط على السلطات وتقدم درساً ضد القمع ومع الحرية».