كان | رُفعت الستارة، مساء أمس، عن فعاليات الدورة الـ71 من «مهرجان كان السينمائي»، في أجواء من الألق والبهجة، إذ منح الطقس ألقاً خاصاً لاستعراض البساط الأحمر. بساط كان أنثوياً بامتياز، تصدرته نجمتان متألقتان هما رئيسة لجنة التحكيم، الأسترالية كيت بلانشيت، وبطلة فيلم الافتتاح، الاسبانية بينيلوبي كروز. كما تألقت على البساط الأحمر ثلاث نجمات فرنسيات بارزات، وهن إيزايبل عجاني، وفانيسا بارادي، وليا سيدو. وكان حاضراً من النجوم الذكور فانسان كاسيل، وإدوار بيير، الذي ترأس فعاليات حفل الافتتاح، الى جانب عضوي لجنة التحكيم المخرجين دوني فيلنوف وأندري زفياجنستيف. خلافاً للمعتاد، سُجّل غياب كامل للنجوم الأميركيين عن استعراض الافتتاح، باستثناء عضو لجنة التحكيم، المخرجة والممثلة كريستن ستيوارت. غياب تسبّبت فيه «المقاطعة» الهوليوودية غير المعلنة للمهرجان هذه السنة، لكن تأثيراته كانت محدودة جداً على عرس الكروازيت، بخاصة أن الطقس ــ خلافاً للتوقعات الجوية ـــ لم يكن ماطراً. كذلك فإن حضور الثنائي بينيلوبي كروز وخافيير بارديم منح استعراض الافتتاح من الغلامور والجاذبية ما عوّض الآلاف من الفضوليين وصائدي صور وتواقيع النجوم، الذي يصطفون لساعات طويلة أمام مداخل قصر المهرجان، عن غياب النجوم الهوليووديين. بذلك، برهنت الكروازيت أن هناك حياة (سينمائية) من دون الأميركان!
على صعيد المضمون، انقسمت الآراء بخصوص فيلم الافتتاح «الجميع يعلم» لأصغر فرهدي. بعض النقاد اعتبر «تغريبة» المعلم الإيراني امتداداً طبيعياً للصبغة العالمية لأعماله، خاصة أنه في فيلمه هذا، الذي صُوّر بلغة سرفانتيس، وتدور أحداثه في قرية في الريف الإسباني، لم يبتعد كثيراً عن التيمات التي صنعت شهرة وفرادة أفلامه. على غرار رائعته الأشهر «انفصال» (الدب الذهبي في برلين – 2011 / أوسكار أفضل فيلم أجنبي – 2012)، يعود فرهدي هنا لينكأ جراح الأسرار العائلية، بأسلوبه المميز في سبر أغوار الشروخ النفسية الغائرة لشخوصه، ورؤيته الإخراجية المحكمة في مراوغة المشاهد للكشف تدريجاً عن الأسرار الحميمة التي تسعى شخوصه لإبقائها أسيرة الدائرة المغلقة لبيئتها العائلية الضيقة.
لكن بعضهم ممن تحمّسوا لفرهدي وشُغفوا بأعماله الأولى («وسط الغبار»، «عرس النار»، «بخصوص إيلي»…)، قبل أن يشتهر في الغرب، تأسفوا لابتعاده عن بيئته الأصلية، وعن إرث «الواقعية الكياروستامية» التي صنعت خصوصية السينما الإيرانية، ضمن تقليد سينمائي يشكّل فيه الإغراق في المحلية خير سبيل للوصول إلى العالمية.