خلال الأشهر الماضية، تسارعت التطورات في قضية «دار الحياة» (تضمّ جريدة «الحياة» ومجلة «لها»)، إلى درجة أن المتابع لهذا الملف قد يعجز عن اللحاق بها. قبل أيام، تبلّغ الموظفون المصروفون في مكتب بيروت أن القائمين على الدار قد أوقفوا اشتراكاتهم في بوليصات التأمين، مع العلم أنّهم كانوا قد أكدوا للموظفين ومحاميهم أكرم عازوري خلال اجتماعاتهم التشاورية الأخيرة في وزارة العمل، أن البوليصة ستستمرّ حتى نهاية العام الحالي (الأخبار 8/3/2018).
كما من المتوقّع أن يشهد مكتب الدار في بيروت مزيداً من التطوّرات السلبية من بينها قطع الكهرباء والماء والانترنت عن المكاتب في وسط بيروت بحجة «عدم دفع الفواتير». كل هذه الخطوات ترمي ـ بحسب متابعي الملف ــ إلى إجبار الموظفين على تقديم استقالتهم من تلقاء أنفسهم، تهرّباً من دفع التعويضات. لكن يبدو أن الاضطرابات التي يعانيها مكتب بيروت، قد بدأت مفاعيلها تصل إلى مكتب دبي الذي يعتبر الأساسي. المكتب الذي قيل بأنّه سيتمّ تعزيزه مع إقفال مكتب بيروت، وسيشهد ورشة توسّعية، يمرّ بخضّات «لا تبشّر بالخير». قبل ساعات، اجتمع المسؤولون في دبي مع الموظفين هناك من مختلف الجنسيات العربية، طالبين منهم الاختيار إما عودتهم إلى أراضيهم، أو البقاء في دبي لأن الدار «لا تملك أموالاً لدفع المستحقات». ولفتوا إلى أن الدار يمكنها تأمين بطاقات سفر لهم على حسابها الخاص، أو البقاء في الإمارات، لكن لا يمكنهم رفع دعوى ضدّهم بحجة عدم دفع المعاشات لأن تبليغهم قد تمّ قبل تفاقم الأزمة. وقيل للموظفين (يبلغ عددهم نحو 20 موظفاً) إن الشركة تمرّ في أزمة مالية، ستؤدي إلى عدم دفع الرواتب في الأشهر الثلاثة المقبلة أي لحين حلول شهر حزيران (يونيو) المقبل. مع العلم أن بوادر الأزمة (المفتعلة؟) لم تظهر سابقاً على مكتب دبي، بل تمّ نقل مجموعة صغيرة من الموظفين في مكتب بيروت إلى دبي قبل أشهر قليلة، حيث بدأوا العمل وتلقوا وعوداً بتحسين أوضاعهم في الفترة المقبلة... على اعتبار أن مكتب دبي سيكون مكاناً مستقرّاً ولن يشهد أزمات مالية بعد إقفال بيروت. لكنّ الموظفين فوجئوا مع بداية العام الحالي، أن معاشاتهم الشهرية قد تمّ خفضها (أو دفعها على مراحل) فجأة من دون سابق إنذار.
لا يمكن فصل الازمة الاخيرة التي ضربت «دار الحياة» بجميع مكاتبها عن الازمة المالية التي يعانيها صاحب الشركة الأمير السعودي خالد بن سلطان. فقد عصفت الازمة بداية بمكتب «الحياة» في لندن حيث تمّ اقفاله قبل أشهر قليلة، وسيتبعه اقفال بيروت ويحكى أن مكتب القاهرة ليس بأمان اليوم وحاله تشبه حال مكتب دبي. ويجري الحديث بين الاوساط أن بن سلطان يعاني من ضائقة مالية منذ سنوات (سببها انخفاض أسعار النفط والحرب الخليجية ضد اليمن) ضربت إقتصاد المملكة. وتفاعلت مشاكل «الدار» الاقتصادية والاعلانية معاً، بعد غرق الشركة في الديون والدعاوى القضائية، فبدأت بتصفية المكاتب واحداً تلو الآخر. مع العلم أن الازمة المادية «طافت» على السطح في الاشهر الماضية بعد إعتقال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمجموعة أمراء ووزراء ونواب سابقين وحاليين. لكن رغم الازمة المالية، يشدد المتابعون على أن سياسة القائمين على الشركة، تعتمد على التهرّب من دفع التعويضات للموظفين المصروفين، وتطبيق المثل الشعبي القائل «كسر إيدو وشحد عليها»!.