1 - فوز «شكل المياه» بأربعة أوسكارات (أفضل فيلم وإخراج وموسيقى وديكور)، يعني انضمام المكسيكي غييرمو ديل تورو إلى صديقيه وابني بلده ألفونسو كواران («جاذبيّة») وإيناريتو («بيردمان»، «المنبعث») على عرش التتويج المتعدّد. اجتماع الـ «أميغوز الثلاثة» في إحصائية واحدة ليس غريباً. يمكن اعتباره من العادات الحسنة.
هم روّاد الذهب في السينما المكسيكية الجديدة. عبروا بها إلى اليابسة الحلم، ممهّدين الطريق لأمثال غايل غارسيا برنال، وكارلوس ريغاداس وباتريشيا ريغن وغيرهم.
2 - مرّةً أخرى يتم تجاهل فيلمي سعفة «كان» («المربّع» لروبن أوستلوند) ودب برلين («عن الجسد والروح» لإلديكو أنييدي)، لحساب الشريط المتوّج في البندقيّة. عموماً، صارت مختلف جوائز الموسترا أشبه بنبوءة أوسكاريّة في السنوات الأخيرة.
3 - النتائج بقيت ضمن التوقعات عموماً، ما عدا فوز جوردن بيل بأوسكار أفضل سيناريو أصلي عن «اخرج»، و«امرأة رائعة» للتشيلي سيباستيان ليليو كأفضل فيلم أجنبي. الأوّل أضعف النصوص ضمن فئته، مع وجود مارتن ماكدونا وديل تورو. الثاني محكم ورقيق، لكنّه لا يجاور تحفاً مثل «المربّع» و«عن الجسد والروح»، أو حتى «بلا حب» لأندريه زفياغينتسيف.
4 – في المقابل، ثمّة جوائز مفرحة وأكثر من مستحقة. أبرزها أفضل سينماتوغرافيا للكبير روجر ديكنز في الترشيح رقم 14، عن «بلايد رانر 2049» لديني فلينوف. بعد إضاءة أعمال كبار مثل الأخوين كوين وستيفن دالدري ورون هاورد وسام منديز، ينالها ديكنز أخيراً. المفارقة أنّ خطابه جاء مقتضباً من دون مبالغة، كما يليق بفنّان حقيقي. كذلك، أفضل ممثّل في دور ثانٍ لسام روكويل. هذا الأخير «فدائي» راقص. ألقى بنفسه في أفلام مستقلّة عديدة، بقي بعضها مجهولاً. هنا، تجزي له السينما العطاء كمكافأة على كلّ شيء.
5 - هوس «الصواب» الممل متوقع، إلا أنّه بلغ حدّ الفجاجة في بعض الأحيان. أين القيمة في تغنّي كريستين لوبيز (فائزة عن أفضل أغنيّة مع روبرت لوبيز) بتساوي عدد مرشّحي فئتها جندرياً؟ خطورة معايير كهذه، أنّها قد تغفل مستوى الإبداع لحساب اعتبارات غير فنيّة، وهي إهانة كبيرة لأيّ صانع. أكثر من ذلك. مونولوغ تهكّمي كامل عن بيض البشرة (خصوصاً الرجال منهم) مرّ من دون تحفّظات. لو حصل العكس، لعمّت الهستيريا، وابتلعت أميركا طولاً وعرضاً.
6 - صاحب تحفة «ثلاث لوحات إعلانيّة خارج إيبنغ، ميسوري» مارتن ماكدونا أكثر من دفع ثمن الهوس الصوابي المتعلّق بالنساء وسود البشرة. مرّةً في عدم ترشّحه كمخرج، لحساب غريتا غرويغ، التي احتلّت المقعد فقط لأنّها امرأة. فنياً، تقترح مستوى ضئيلاً، مقارنةً بمرشّحين من طراز ديل تورو ونولان وباول توماس أندرسون. أيضاً، لم يفتك ماكدونا تمثال أفضل سيناريو أصلي، الذي يستحقه بشكل بديهي. فعلها جوردان بيل، الذي يمتلك «ميزة البشرة السوداء».
7 - الوقاحة الأبرز جاءت في تحيّة مباغتة للجيش الأميركي، «ناشر الحريّة» حول العالم. هكذا، من دون مناسبة أو حدث يستدعي ذلك. الإهانة ليست فقط في تجاهل السجل الدموي لهذا الجيش، مقابل ادّعاء الإنسانيّة ومناصرة أصغر القضايا العادلة، بل في معظم اللقطات المستعملة لتحقيق ذلك. تمّ «توريط» أفلام لكوبريك وأوليفر ستون وغيرها، رغم أنّها صارخة في عدائها للحروب والقتل والقبح الأميركي في هذا الأمر. الاستعانة ببروباغندا سبيلبرغ وإيستوود مفهوم بالتأكيد، ولكن وضع أفكار صنّاع كبار في سياق معاكس لما كرّسوا حياتهم من أجله، ليس سوى انتهاك فادح وإهانة بمعنى الكلمة. لا شكّ في أنّ ستانلي يتقلّب في قبره الآن.