خلال الأشهر الماضية، تعرّضت قناة mbc لـ «ضربات» موجعة، أبرزها اعتقال رئيس مجلس إدارتها وليد آل ابراهيم نحو ثلاثة أشهر ضمن محتجزي الـ «ريتز كارلتون» قبل الافراج عنه أخيراً. لكن الضربة الجديدة التي تلقّتها المحطة لا تقل إيلاماً، إذ تمثلت في إيقاف جميع المسلسلات والأفلام التركية على mbc.
علماً أنّ هذه الأعمال جذبت شريحة كبيرة من المشاهدين خصوصاً في الخليج. قرار مفاجئ إتخذه القائمون على الشبكة السعودية، بدأ تطبيقه في أول آذار (مارس) الحالي وستكون له أبعاد اقتصادية. بين عامي 2007 و 2008، رفعت mbc لواء المسلسلات التركية وقرّرت دبلجتها الى العربية عبر اللهجة السورية.
ومع إطلاق كل عمل، كانت الشبكة تعلن عن مشروعها بإستضافة أحد النجوم الأتراك الذي تعرّفه إلى الصحافة العربية. بالطبع، يذكر جميع العاملين في المجال الفني، السهرة التي أقامتها mbc يوم فتحت الباب للجمهور العربي للتعرّف إلى أبطال مسلسل «نور» (عرض عام 2008) الذي حقق شهرة واسعة، أبرزهم النجمة التركية سونغول أودان التي زارت بيروت وإلتقت بالصحافيين. ثم كرّت سبحة القنوات التي أصيبت بعدوى المسلسلات والافلام التركية وبدأت تتنافس على شرائها. حتى إنّ mbc خصّصت في الأعوام الماضية برنامجاً هو «اكسترا تركي» (تقدمه السورية ليانا دحدوح) الذي يلقي الضوء على جميع المسلسلات التي تصوَّر في اسطنبول وخارجها. لكن هذه الهجمة على الأعمال التركية وصلت الى نهايتها، ولن تبثّ الشبكة السعودية أي مسلسل أو فيلم بعد اليوم.
قبل يومين تقريباً، تلقّى العاملون في القناة إتصالاً من الديوان السعودي تقرر بموجبه تجميد جميع الأعمال التركية التي تعرضها القناة. حتى إنّ أصحاب القرار طلبوا من الموظفين عدم إعادة بث المسلسلات التركية على موقع «شاهد»، وإلغاء جميع الحلقات المتوافرة على موقع القناة الالكتروني. هذا القرار إتخذته القيادة في الرياض التي وضعت يدها أخيراً على مصير القناة الشهيرة، وحوّلتها من شاشة فنية ترفيهية إلى واجهة سياسية تطبّق فيها القرارات السعودية السياسية غيباً، من دون نقاش حول تداعيات هذه الخطوات الاقتصادية والتسويقية.
توقيف بث المسلسلات جاء بسبب وقوف تركيا إلى جانب قطر في الحرب القطرية الخليجية. كما اعتبر القرار أنه يكفي عشر سنوات (منذ إنطلاقة الدراما على mbc) من تلميع صورة تركيا في العالم العربي، وتنشيط السياحة فيها عبر بثّ هذه المسلسلات. هكذا، فسبب تجميد الأعمال التركية، لا علاقة له بالمحتوى الذي يعرض، بل هو سياسي بحت. الأكيد أن خسائر سوف تتكّبدها القناة إثر توقيف هذه الأعمال. إذ يتوقع بعض المتابعين للملف، أن تقدَّر خسائر الشبكة في الأمد القصير بنحو 20 مليون دولار، وفي المدى البعيد لن يقلّ المبلغ عن 100 مليون دولار. لكن الأهم من كل هذا أنّ المحطة ستخسر نحو 20 في المئة من نسبة مشاهديها الذين سيتوجهون إلى شاشات أخرى لمتابعة المسلسلات التركية. هكذا، تشهد المحطة عملية تدمير ممنهج يقوم بها الديوان السعودي الذي يتخذ دوماً قرارات مستعجلة وعشوائية وسريعة. لعلّ المستفيد الأول من تراجع نسبة مشاهدة الشبكة، ستكون القنوات القطرية التي ستجذب المشاهدين الخليجيين، وتحديداً «bein دراما» التي تعرض مسلسلات على مدار الساعة وإفتتحت عرضها بمشاريع درامية سورية ومصرية. القرار المفاجئ أربك العاملين في mbc، بخاصة أن تلك المسلسلات تفرد لها مساحة كبيرة على القناة، ويعاد بثها طيلة أيام الاسبوع، إلى درجة أن عدد المشاريع التي عرضتها القناة من عام 2008 حتى 2018 قد تجاوز الـ 100 بين مسلسل وفيلم. تزامن هذا الخبر مع البيان الصحافي الذي أرسلته المحطة في أواخر شباط (فبراير) الماضي وأعلنت فيه عن إنطلاق عرض مسلسل «الدخيل» التركي. لكنّ عمر المسلسل كان قصيراً، إذ لم تبثّ منه سوى حلقات لا تتخطى أصابع اليد الواحدة. من هذا المنطلق، قررت المحطة التعويض بمجموعة مسلسلات مكسيكية وبرازيلية وأخرى لبنانية، كي تملأ الفراغ الذي طرأ عليها. على الضفة الأخرى، يرى بعضهم أنّ الشبكة السعودية تشهد منذ عامين تراجعاً في مشاهدة الاعمال التركية، بعدما غزت الأخيرة موقع يوتيوب، حيث تتم ترجمتها إلى العربية مباشرة بعد عرضها في تركيا.