بعد استراحة شهر رمضان، عاد برنامج «الفساد» أوّل من أمس بحلقة «سكوب». للمرّة الأولى، اخترقت غادة عيد أسوار سجن رومية لتنظر عن قرب إلى أوضاع المساجين، وخصوصاً الإسلاميين. أوضاع لطالما تحدّثت عنها الإعلامية اللبنانية في حلقات سابقة من برنامجها، بدءاً من الاعتداءات والموت، وصولاً إلى المخدرات. لا شك في أنّ ما شاهدناه أوّل من أمس على «الجديد» (21:45) هو سابقة بكل المقاييس، وخصوصاً أنّ نجوم السهرة كانوا موقوفين، أمثال: عمر الأطرش، زياد علوكي وطارق مرعي، قبل أن تتوقف عيد عند معاناة بعض الأهالي أمام مبنى السجن، وتنتقل إلى قائد سرية السجون المركزية العميد جورج الياس للاطلاع منه على الأوضاع المستحدثة والتعديلات والتحسينات القائمة على أرض الواقع.
«ما الذي تبدّل اليوم لنحظى بموافقة الوزير نهاد المشنوق مشكوراً؟». سؤال طرحته غادة عيد في بداية الحلقة التي قالت خلالها إنّها سبق أن تقدّمت بطلبات عدّة لدخول السجن من دون أن تلقى تجاوباً، علماً بأنّ النص التعريفي الذي يرافق فيديو الحلقة على موقع «الجديد» الإلكتروني يشير إلى أنّ عيد ستتابع «هذا الملف الذي سيتولاه وزير الداخلية نهاد المشنوق».
لا شك في أنّ تسهيل المشنوق إنجاز هذه الحلقة يصب في خانة تبييض صورته. مع ذلك، حملنا سؤال عيد إلى مرجع قانوني مختص أكد لنا أنّه لا يحق لوزير الداخلية السماح بمقابلة موقوفين إعلامياً، فالقانون لا يجيز له ذلك إلا في حالة المحكومين الذين يطلب القضاء من السلطة التنفيذية تنفيذ الأحكام الصادرة بحقّهم. صحيح أنّ أسماء الأطرش وعلوكي ومرعي برزت في قضايا أمنية حسّاسة وخطيرة جداً، لكن هؤلاء لا يزالون أبرياء أمام القانون، إذ لم تثبت إدانتهم بعد ويخضعون للتوقيف الاحتياطي في سجن رومية. وبالتالي، شدد المرجع القانوني، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، على أنّ هؤلاء الأشخاص هم «بعهدة القضاء، لا بعهدة السلطة التنفيذية».

لا يحق لوزير
الداخلية السماح بمقابلة موقوفين إعلامياً

وفي إطار الحديث عن الظروف المعيشية الصعبة داخل السجن، ولا سيّما لجهة «الطعام والانتهاكات»، حرصت غادة عيد على الإشارة إلى أنّ «جمعية العزم والسعادة» (تابعة لنجيب وطه ميقاتي) قدّمت لهم وجبات ساخنة خلال شهر الصوم! من دون أن ننسى الفيديوات الشهيرة التي تصوّر اعتداء القوى الأمنية على السجناء، وأخرى تصوّر العكس.
ظروف العيش اللائقة حق مشروع لكل إنسان مهما كان جرمه أو الشكوك التي تدور حوله، كما أنّ القانون والنظام يمنعان المسّ بكرامة أي شخص مهما كانت الظروف. لكن اللافت (والخطير) كان حديث الموقوفين عن الملفات التي أدّت إلى اعتقالهم، فيما برزت مطالبات بـ«التسريع في المحاكمات».
مهلاً، هل يمكن فعل ذلك عبر الشاشات؟ وضع المصدر القانوني الأمر في سياق التأثير على القضاء، ما يعتبر مرفوضاً سواء جاء من قبل السياسيين أو الإعلاميين: «هذا دليل إضافي على انهيار الدولة. إذا كان هناك شكّ في أداء القضاء، فالتحقق من الأمر يقع ضمن مهمّات التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى، اللذين يجب أن يكونا مستقلين تماماً».
الحديث عما شاهدناه أوّل من أمس قد يطول، وخصوصاً لناحية أداء عيد، غير أنّ سؤالاً أساسياً يبرز إلى الواجهة: هل يمكن إدراج الحلقة ضمن سلسلة التسريبات والتسريبات المعاكسة بين شخصيات التيّار الواحد؟ أم أنّها نتيجة تقارب سياسي ــ إعلامي معيّن؟ من يدري، ربّما الاثنان معاً!