قراءة فوضوية وعاطفية تجمع المتعة والفائدة... ذلك هو هدف الكاتب والمصور جان-كلود سيمووين حين ألّف مجموعة «القواميس العاطفية» التي صدرت عن دار Plon الفرنسية. لقد كان كتاب «رحلة إلى إيطاليا» لدومينيك فرنانديز، الذي نشره سيمون لدى Plon، هو الذي ألهمه فكرة تأسيس هذا المشروع الأدبي: مجموعته التي أطلق عليها اسم «القواميس العاطفية».
منذ البداية، وعدنا سيمووين، وهو صديق لبنان القديم، بتخصيص عملٍ للبنان. مهمة تولاها ألكسندر نجار بأبهى حلة. شرع الكاتب في بحثٍ واسع شمل الأماكن، والأنهار (أدونيس)، والعطور والشخصيّات الشعبية، من شخصية أبو العبد إلى المختصّين، مستعرضاً بأناقةٍ كلّ ما هو ثقافي، علمي، جغرافي، إثنيّ، فنيّ (الرحابنة وآخرون)، وأدبيّ. لوحةُ متكاملة من 550 صفحة، لا تشمل كلّ شيء، لكنّها واسعة جمعت عدداً كبيراً من أعمال الروائيين الفرنسيّين والعرب، مصنّفة حسب المواضيع، والحقبات الزمنيّة: مؤلفات قبل وبعد الحرب، بالإضافة إلى لمحة سريعة عن المجلّات والصحف ووثائق من الراديو، حول كلّ ما يتعلق بالحياة الثقافية والفكريّة اللبنانيّة.

للشّعر نصيبه أيضاً، إذ تعيدنا بعض القصائد لذكريات الطفولة والكتب المدرسية، كقصائد إيليا أبو ماضي، أو ذكريات الشباب الأولى من خلال قصائد محمود درويش.
لا ينسى ألكسندر نجّار طبعاً «الأرز» الذي شكّل معه رابطاً «عائلياً». يطرح علينا الكاتب رحلة كلاسيكية تقودنا من الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب: جعيتا، البترون، بيت الدين، بعلبك، بشرّي، والجنوب.
يقول نجّار لـ «الأخبار»: «لقد تعمّدت عدم التّطرق للسياسيّين، لأنّني أردت كتاباً يجمع ولا يفرّق». وبالرغم من حسن نيّة المؤلّف، إلا أنّ القاموس ذو طابع «ذاتيّ» ينطلق من فرضيات مسبقة.

بحث واسع شمل الأماكن، والأنهار، والعطور والشخصيّات الشعبية
لكن هذا شيء طبيعي، خاصةً وفقاً للروحيّة التي أتى بها القاموس. إذ نجد أن العنوان نفسه متناقض: كلمة «قاموس» تفترض الشمولية والموضوعيّة، لكن وصفها بـ «العاطفة» يعني في آنٍ معاً، أنّه انتقائيّ وذاتيّ أيضاً. «لقد تركت الكلام لقلبي ورغباتي، للتأكيد على أهميّة الروح التي دأبت عليها بلادنا. هناك فصول بديهية وأخرى غير متوقعة، مثل «رزق الله» أو مضمار السباق» يقول نجار.
يعتبر هذا الكتاب الأول ضمن سلسلة «القواميس العاطفية» المترجمة للغة العربيّة، والرابع للمؤلّف الفرنكوفوني الذي ترجمته «دار الساقي». إذ يتوجه ألكسندر نجّار للجمهور اللبناني «لمساعدته في إيجاد توجهّاته وقيمه التي تبني هويته وخصوصيته، ضمن انفتاحه على العالم وعلى الفرنكوفونيّة، ومن ثمّ الجمهور الأجنبي (من ضمنه لبنانيو الشتات) الذي يحبّ لبنان ويرغب باكتشافه أو معرفته وفهمه بشكل أفضل.
على الرغم من وجود بعض الاختلاف في الآراء المعروضة هنا وهناك - وهو أمرٌ صحي لا مفرّ منه، خاصةً أنّ الكاتب اختار تتبّع نهج غير علمي، حميمي وفردي إلى حدٍّ كبير- إلا أنّ للكتاب ميزة في قدرته على مخاطبة واستدعاء ذاكرتنا الجماعيّة بسلاسة.

توقيع «قاموس لبنان»: 18:00 مساء اليوم ـ جناح «دار الساقي» ضمن «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» ـ (بيال)