لا ينتمي «محروس» إلى هذا العالم البتة، ولا يقترب منه حتى، ولا يدرك ماهيته. مثلاً، حين يعطيه «بلطجي» المنطقة قطعة من الحشيش ليسلّمها إلى رجلٍ آخر طمعاً في أنّه لن يتعرّض للتفتيش نظراً لأنّ الجميع يعرفون بأنّه «بسيطٌ» للغاية، يفقد أبو خطوة الحشيش من دون أن يعرف أين ذهب، ومن دون أن يعرف حتى أن هذا حشيش. الأنكى من ذلك، أنّه حين يتعرّض للضرب في الشارع من قبل البلطجي نفسه، لا يلوم المعتدي، بل «يشجّعه» على الاستمرار في مشهدٍ سورياليٍ للغاية. كان كل ذلك ليكون عادياً لولا أنّ الحلقة الأولى من «الصعلوك» مهّدت للموضوع عبر غوصها في ما يربط «الدرويش» بالمريد والموصل والسند. هذه التعابير الثلاثة الأخيرة هي جزء من أبجديات الصوفية البسيطة. ففي الحلقة الأولى من المسلسل التي أجاد فعلاً الكاتب محمد الحنّاوي (في ثالث عمل مع الصاوي بعد «تفاحة آدم» في 2014، و«خاتم سليمان» 2011) نعرف قصة السيّد العدوي، الولي الصالح الذي يعيش محروس أبو خطوة «خادماً» و«حارساً» لمرقده. يعتبر العدوي جزءاً من التراث الشعبي الموروث للشارع المصري (كما العربي) الذي تكثر فيه قصص أولياء الله الصالحين الذي تختلط قصصهم الحقيقية مع الخيال الشعبي البسيط (وأحياناً المعقد)، كما مع «المدهش» و«المرضي» أحياناً.
يبدع الممثل المصري
في أداء شخصية الدويش «محروس أبو خطوة»
لجهة الأداء، يبذل الصاوي جهداً أكثر من كبير. إنّه دائم الحديث، والصخب، ويحكي لهجة غير مفهومة ــ على عادة الدراويش ــ وينطق بكلام غير مترابط، محاولاً ربطه بحركات يديه ووجهه. فهو بحاجة لخلق تماس مع الناس من حوله، خصوصاً الأغراب الذين لا يعرفونه. فأهل منطقته يدركون قيمته وطبيعته، لذلك يتعاملون معه من هذا المنطلق. أما الغرباء، فينظرون إلى شكله الغريب من باب «القرف» و«الخوف» حتى. يشارك في المسلسل النجم أحمد راتب بدورٍ أقرب إلى «الراوي»، مستعملاً أسلوب الرواية مع خلق تأثيرٍ معيّن (color commentator). يشارك راتب في القصة ويمارس ضغطاً على المشاهد ليأخذه إلى جانبٍ معين من الحكاية.
وهناك النجم حسن حسني الذي يعتبر كثيرون أن وجوده في أي عملٍ درامي إضافةً مهمة، لكن هذه القصة لا تحتمل أكثر من محورٍ واحد، لذلك خفت أداء الجميع مقارنة مع الشخصية الأساسية التي أبدع الصاوي في رسمها.
«الصعلوك» يومياً على «art حكايات» ــ 12:30 بتوقيت بيروت، ويعاد عند السادسة مساءً.