ضمن الأفلام التي اختيرت لتتبارى في فئة «نظرة ما» خلال «مهرجان كان السينمائي» الأخير، كان عرض للـ«القمة» أو «الرئيس» للأرجنتيني سانتياغو ميتريه الذي جمع أسماء معروفة في السينما اللاتينية والأميركية مثل ريكاردو دارين، ودولوريس فونزي، إضافة الى كريستيان سلايتر وغيرهم. الفيلم اختير لافتتاح الدورة 17 من «مهرجان بيروت الدولي للسينما» اليوم.
وسط ديكور الجبال المثلجة والمناظر الخلابة في الـ«أنديز»، يجتمع رؤساء من مختلف بلدان أميركا اللاتينية في فندق معزول حول قمّة في أجواء ثريلر الغامضة.
الرئيس الأرجنتيني هرنان بلانكو (ريكاردو دارين) يواجه مسألة فساد ورّطه فيها زوج ابنته (دولوريس فونزي). نراه محاولاً تجنّب الفضيحة التي قد تقضي على مسيرته وعائلته من جهة، وساعياً الى الدفاع عن مصالحه السياسية والاقتصادية من ناحية أخرى. يتخذ الفيلم لهجة كوميدية سوداء في معالجة شخصية الرئيس الذي كلما تطورت القصة أصبح أكثر غموضاً، حتى نصل الى النهاية الملتبسة كما أرادها المخرج أن
تكون. خلال تغطيتنا لمهرجان «كان»، جمع لقاء بين «الأخبار» والمخرج سانتياغو ميتريه. يؤكد صاحب فيلم «باولينا»، الحائز جائزة النقاد في «كان» عام 2015، أنه لم يستند الى قصة حقيقية في هذا الفيلم، بل على بعض الوقائع المرتبطة بالمجتمع: «الرئيس في الفيلم يعيش في عالم اليوم ويعيش مشاكله، وقد تكون هناك نقاط متشابهة مع بعض الظروف. كنا نصوّر الجزء الأخير من الفيلم في خضم الانتخابات الأميركية».

ثريلر غامض يحمل تأثراً واضحاً بعدد من المخرجين وبهيتشكوك


موضوع السياسة ليس غريباً على المخرج الذي كان قد تطرق إليه بطريقة غير مباشرة في فيلميه السابقين «الطالب» و«باولينا». أراد الغوص أكثر هنا، ورسم بورتريهاً لرجل يعمل في المجال السياسي، مخرجاً ما تخفيه الشخصية وراء الوجه السياسي: «هو لا يشبه أي رئيس. وحرصت على ألا يتشبه بأحدهم.
أردنا أن تكون لشخصيتنا كل الحريات في ما يتعلق بالإيديولوجيات. في البداية، يبدو تقدمياً، ثم بسبب الضغوط التي تُمارَس عليه في القمة، يصبح مختلفاً ومحافظاً».
«القمة» بحسب المخرج هدفه حثّ الناس على التفكير في معنى السلطة وإعطاء آرائهم الخاصة: «كنت أطرح على نفسي الأسئلة عندما كنت شاباً. كنت أسمع أنه عندما يتبوأ الشخص النزيه منصباً في السلطة، يتغيّر. لم تتبدل الأمور كثيراً. وما زلت لا أعرف إن كان تولي السلطة يجعل أسوأ ما في المرء يخرج الى العلن. هناك مثل صيني يقول إن كنت تريد أن تختبر الشخص، امنحه السلطة لخمس دقائق فحسب. برأيي أن هذا النوع من الأسئلة يبقى مفتوحاً. لتصبح سياسياً، يجب أن تملك تلك الشخصية وأن تكون قاسياً أيضاً. فأنت لديك الكثير من المسؤوليات، وعليك أن تواجه المشكلات والأمور القذرة. بعد سنوات، السياسة تجعلك قاسياً، وهناك دائماً مسألة الأخلاقيات التي تبرز». الفيلم يندرج في إطار الثريلر الغامض، وفيه تأثر واضح بعدد من المخرجين وبهيتشكوك كذلك في مشهد تنويم مغناطيسي تخضع له مارينا، ابنة الرئيس. يقول ميتريه في هذا الصدد: «أحب كثيراً أفلام جون فورد. وكما أن هناك تقليداً في السينما السياسية التي أحبها، هناك غمزات أكثر مباشرة قد لا تكون واضحة. في ما يتعلق بالسرد، كان لكيوبريك وبولانسكي وغيرهما أثر أيضاً. كما أنني تأثرت بالأدب الخيالي وبِبيوي كاساريس. السرد مشوق وغامض. والسياسة في الأرجنتين أمر مخيف أحياناً».

«القمة» لسانتياغو ميتريه: 19:00 مساء اليوم، و21:30 مساء 9 تشرين الأول ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل»