يبدو أن صنّاع عمل «محرومين» تلقّفوا النقد المتراكم عن صناعة الدراما اللبنانية في باحات القصور ومساحات العزّ والجاه في مشهد يجافي الواقع كلياً. أخذوه في الحسبان، نعم، لكن بتشويه وسطحية هذه المرة! المسلسل (كتابة غريتا غصيبة - إخراج وائل أبو شعر ـ إنتاج أونلاين بروداكشن) الذي يعرض على mtv يتناول «المحرومين» القاطنين في حيّ فقير.
تتفنن الكاميرا في التقاط تفاصيله بدءاً من المباني المتلاصقة، وصولاً الى نقل طريقة عيش السكان وحياتهم وسط الفوضى. كأنها تتقصد إبرازه لتذكير المشاهد دوماً بأنّها في حي فقير، وتصنع من تعاسة المشهد جمالية ديكورية.
عدا التركيز على بشاعة المكان لإخراج المشهد الدرامي منه، يصوّر المسلسل الذي انطلقت حلقاته منتصف الشهر الماضي، بعض سكّانه الفقراء المعدمين، سيما النساء، على أنهن جاهلات، وجلّ طموحهن التعرّف بأي رجل ثري يقلب حياتهن التعيسة. في الحلقة الثالثة، شاهدنا ثلاث نساء يتوجهن الى السوق: سميرة (هيام أبو شديد)، وباتريسيا (نور صعب) وخلود (غنوة محمود). في مكان تصليح السيارات، يلتقين بغياث كرم (جهاد الأندري)، الفاحش الثراء الذي يبحث ــ كما قال للعامل في ورشة التصليح ـ عن «عروس... كذا عروس». ويضيف: «بدي بنت هنيّة، حلوة بالوجّ والجسم، وطموحة، مش ضرورة متعلمة».

تصوير النساء الفقيرات على أنهن جاهلات وجلّ طموحهن رجل ثري!


باتريسيا الصبية الشقراء تشتغل في معمل عصير، وخلود في «تنظيف البيوت». أما سميرة، فهي والدة آية (جوي خوري) تسعى أيضاً الى تزويج ابنتها من رجل غني. رأينا في الحلقات الأولى كيف تحذّرها من الزواج بفقير: «بدنا حدا يرفعنا من القلة، أوعا تاخذي واحد فقير».
فجأة، تتحول باتريسيا وسميرة الى مجرد إمرأتين تنقضّان على غياث، وتتباريان للفوز به. باتريسيا تقول لها «الي سبق شمّ الحبق»، وسميرة تصرّ على أن تتعرف ابنتها إلى الرجل الغني. هكذا، تحوّل غياث الى منقذ لهاتين المرأتين وساحة للإقتتال عليه. استعار صنّاع المسلسل كليشيهات الفقر من «النقّ» المتواصل حول قلة المال، وهموم تحمّل مسؤولية رعاية الأسرة، مع راتب لا يكفي. شاهدنا البيوت الفقيرة، والحرص على توفير الكهرباء عبر إطفاء الأنوار في البيوت. ركزت الكاميرا على عشوائية المكان من انتشار خزانات المياه، واشرطة الكهرباء المتدلية. وزيادةً على مشهد المكاني، عمّم هؤلاء صفات الجهل والسطحية على السكّان، كالتقاتل على رجل ثري كأنه غنيمة، والمنقذ من الحالة الإجتماعية الصعبة التي يعيشونها. بدا الفقراء والفقيرات في هذا العمل، مجرد أناس سلبيين ينتظرون المعونة من الخارج. أشخاص غير متعلمين، ينتظرون «الغيث» من غياث في تأكيد مرة جديدة، على التقاط كتّاب الدراما اللبنانية القشور من الحياة اليومية للبنانيين، من دون الغوص أعمق، خصوصاً في الأحياء الفقيرة. لا شك في أنّه إذا بحثنا، سنكون أمام شخصيات فاعلة وعصامية في الحياة، وليس فقط متلقية وجاهلة، تنتظر الفارس على حصانه الأبيض! نجح «محرومين» في إستخدام الفقر والأحوال الصعبة لأهله، كتغيير استراتيجية بعدما كلّت الشاشات مشاهد الثراء والقصور. لكن في العمق، بقي على السطح ولم يذهب ــ كما ينبغي ـــ أبعد من الصورة النمطية للفقراء.

«محرومين» من الأحد حتى الأربعاء 20:45 على mtv