«الخوف ليس عصياً على الفهم. رغم كل شيء، ألم نخف جميعاً في الطفولة؟ لم يتغير شيء مذ واجهت ذات الرداء الأحمر الذئب الكبير. ما يخيفنا اليوم، هو تماماً ما أخافنا في الماضي. إنه ذئب مختلف فحسب». القول لمعلّم الرعب البريطاني ألفريد هيتشكوك في حديثه عن استمرارية الخوف، مؤكداً أن العالم مكان لا تنضب مصادر خوفه.
على هذا ربما يعوّل منظمو مهرجان «مسكون» لأفلام الرعب والفانتازيا والخيال العلمي والإثارة (الثريلر) والحركة والأكشن. المهرجان الأوّل من نوعه في العالم العربي (تنظيم شركة «أبوط للإنتاج» بالتعاون مع «جمعية متروبوليس»، وجامعة الـ ALBA، وموقع «سينموز» الإلكتروني)، يعود مجدداً بدورته الثانية عند الثامنة من مساء اليوم في سينما «متروبوليس أمبير صوفيل» ويستمر حتى 17 أيلول (سبتمبر) المقبل. على مدى خمسة أيام، تستقبل بيروت ثمانية من أجدد إنتاجات الرعب والفانتازيا والتشويق في مصر وكوريا الجنوبية وأميركا والبرازيل وفرنسا والنمسا وإيرلندا وهنغاريا، من تلك الأفلام التي لا تجد لها مطرحاً في العروض الجماهيرية. مع التطوّرات السياسية العالمية في العقد الأخير، صار الواقع نفسه مصدراً كافياً لإثارة أقسى أنواع الرعب. نظرة واحدة على التلفزيونات ومواقع التواصل والجرائد، تعطي فهماً أولياً للتوجه الجماعي الذي يقود المخرجين نحو الواقع. في الدورة الحالية، ليس الرعب أكثر من قالب شكلي لآفات العالم الحالية، من الربيع العربي في «حادثة فندق هيلتون النيل» لطارق صالح، والأصولية الدينية في الفيلم النسوي «جحيم بارد» لستيفان روزوفسكي، والهجرة إلى أوروبا في فيلم الخيال العلمي «قمر المشتري» (15/ 9 ــ س: 21:30)، والعنصرية في Thousand Cuts لإريك فاليت. العرقية والطبقية في البرازيل تصنع العلاقة العاطفية الكابوسية بين امرأتين في «خصال حسنة» لجوليانا روجاس وماركو دوترا، أما الإيرلندي ليام غافين فيشرّع فيلمه المينمالي «أغنية قاتمة» على عوالم السحر والشعوذة القديمة. وبالتعاون مع السفارة الإيطالية و«المركز الثقافي الإيطالي في لبنان»، و«نادي لكل الناس»، يعود المهرجان إلى سينما الرعب الإيطالية الكلاسيكية عبر استعادة اثنين من معلميها: داريو أرجينتو و لوتشيو فولتشي. في مناسبة مرور أربعين عاماً على إطلاقه، يستعيد المهرجان تحفة المخرج الإيطالي داريو أرجينتو بعنوان Suspiria. وعلى طريقته، يوجّه المهرجان تحية إلى الراحل لوتشيو فولتشي بحفلة ختامية في MusicHall (ستاركو ــ بيروت) عند التاسعة من مساء الأحد 17 أيلول. في الأمسية، سيؤدي مؤلف الموسيقى التصويرية الإيطالي فابيو فريتزي وفرقته الموسيقى التي كان قد أعدها لشريط لوتشيو فولتشي السريالي The Beyond. هناك أيضاً محطة أخرى مع الموسيقي فابيو فريتزي الذي سيقدّم ورشة عمل حول الموسيقى التصويرية من خلال تجربته التي صنع خلالها موسيقى لأشهر الأفلام مثل «كيل بيل» لكوينتن تارانتينو. وفي ورشة حول ملصقات الأفلام، يدعو المهرجان أيضاً مصمم ملصقات الأفلام البلجيكي لوران دوريو، الذي سيأخذ المشاركين في رحلة إلى فن الملصقات البديل عبر تصاميمه لملصقات أفلام ألفرد هيتشكوك، وفريتز لانغ، وفرانسيس فورد كوبولا، وكوينتن تارانتينو، وستيفن سبيلبرغ وغيرهم. وفيما لا يزال المشهد السينمائي المحلي، يفتقر لمغامرات في الرعب والفانتازيا والخيال العلمي، يحاول المنظمون إرساء منصة محلية لسينما الرعب. على هامش المهرجان، تنطلق مسابقة «مسكون» اللبنانيّة للأفلام القصيرة التي تهدف إلى دعم السينمائيين اللبنانيّين للإقدام على إنجاز أفلام من هذه الفئة. يشارك في المسابقة 12 فيلماً لبنانياً قصيراً: 555 لرجا معين طويل، وThe Howl لساندرا تابت، و«سحر» لمحمّد ياسين، وRedrum لجوليان قبرصي، وAryan لإيلي سلامة، وNot a vegetarian movie لبيتر عون، و»رعب ليلكي» لزياد قموع، وLa Geante Rouge لماريا غوش، وDaydream لريان أبي رعد، وMerry Go Round لجوان راغب، وAbîme لروى فيليب، وReprisal لمايك مالاجاليان، على أن تختار الفائز لجنة تحكيم تضم المديرة الفنّية لمهرجان «نوشاتيل» السويسري أناييس إيميري، والمنتج والموزع البلجيكي تييري فيليب، والمخرج الفرنسي إيريك فاليت.

«مهرجان مسكون»: بدءاً من الثامنة من مساء الليلة حتى 17 أيلول (سبتمبر) ــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت) و Music Hall (ستاركو ــ بيروت). للاستعلام: 01/204080




من البرنامج

«حادثة فندق هيلتون النيل» ــ طارق صالح
13/9 ــ س: 20:00



الافتتاح مع «حادثة فندق هيلتون» (106 د ــ 2016) للمخرج السويدي المصري طارق صالح. الفيلم مشبع بأجواء الجريمة العربية المعاصرة ووصفتها التي تجمع رجال الأعمال والأمن والسياسيين والفنانات. قيل الكثير عن تطابق قصة الفيلم مع قصة مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم. إلا أن طارق صالح الذي قضى حياته في السويد، يعود من خلال فيلمه إلى مصر، حيث تدور أحداثه عشية الثورة المصرية. رجلان يخرجان من إحدى غرف الفندق بعد جدال حاد، يصل إلى أذني عاملة التنظيف في الفندق سلوى، التي تترك هذه الجريمة للمحقق نور الدين. «حادثة فندق هيلتون النيل» هو الفيلم الروائي الثالث في مسيرة التشويق والخيال العلمي والجريمة التي شغلت صالح منذ فيلم التحريك «متروبيا» (2009)، ثم «تومي» (2011) الذي يصوّر ببرودة العنصر النسائي في مشهد الإجرام السويدي، من خلال حادثة سرقة في أحد المطارات.

«أغنية قاتمة» ـــ ليام غافين
14/ 9 ــ س: 22:30



لا مصاصي دماء، أو مهوسين يطاردون الناس في الشارع. فيلم ليام غافين «أغنية قاتمة» (100 د ــ 2016) لا يحتاج إلى الكثير: الأماكن داخلية، الغرف غالباً، فريق عمل صغير، وعدد ممثلين محدود جداً. بهذه المينيمالية يحاول المخرج الإيرلندي اقتحام عوالم الرعب. يدخلها من باب التنجيم والسحر والآلهة القديمة والرموز الغامضة، أي كل ما يسيطر على صوفيا وآمالها في التواصل مع طفلها الميت وفق المنجم السكّير الذي تلجأ إليه. لا ينشغل الشريط بإشكالية الخير والشر أو بضرورة انتصار أحدهما. النظام الغذائي القاسي الذي يفرضه المنجم على الأم المعزولة، يرمي أوّلاً إلى استدعاء الطاقات الشريرة لا التخلص منها: ستنام وتأكل بكميات محدودة، وستمضي وقتها في ممارسة طقوس معينة منها الصيام عن ممارسة الجنس. يحافظ الفيلم على نبرة خافتة وداخلية، تقع بين الشك واليقين، وبين المعرفة والخرافة، حيث لا يعوّل غافين على ما تظهره الكاميرا بقدر ما يعوّل على ما سيثيره غيابها.

«الشريرة» ـــ بيونغ - جيل يونغ
16/9 ــ س: 18:00



قدم «الشريرة» ضمن «عروض منتصف الليل» خلال «مهرجان كان» هذه السنة. يختار المخرج الكوري الجنوبي بيونغ – جيل يونغ بداية قاسية وخطرة لشريطه (123 د ــ 2017)، مقتبساً من ألعاب الفيديو الفوضى والدم السهل المتدفق من الجثث. سنعرف لاحقاً أن محاولة عيش حياة طبيعية، لن تكون بالمهمّة السهلة أمام سوك ـ هي التي تضج سنوات حياتها الماضية بالدم والرجال السيئين. في شريط الأكشن التشويقي، لا يهدئ من حدة القتل والطعن سوى القصة الخلفية التي تقودنا إلى تطوّر شخصية القاتلة بطلة الفيلم. تتحوّل وتتبدّل أدوارها لتجد نفسها ذات يوم وقد أصبحت العميلة السرية يون سو بعد إجراء عملية تجميلية لها. على غرار «كيل بيل» لكوينتن تارانتينو، و«نيكيتا» للوك بيسون، يعرّض يونغ بطلته المرأة لأجواء متوحشة. لكنه يشحن فيلمه بالميلودراما، من خلال قصة الحب التي تعيشها البطلة إلى جانب علاقتها مع ابنتها.

«دايف صنع متاهة» ـــ بيل واترسون
16/9 ــ س: 22:45



دايف هو فنان مؤجّل، لم ينه يوماً عملاً كان قد بدأه. لكن غياب عشيقته آني عن المنزل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، ينذره بضرورة البدء بتنفيذ مشروعه. صنع الأميركي بيل واترسون فيمله «دايف صنع متاهة» (80 د ــ 2017) بإمكانيات محدودة جداً، هي الإمكانيات نفسها التي يجدها بطله دايف أمامه للفرار إلى عالم الفانتازيا. يبني دايف متاهته الخاصة داخل غرفة الجلوس الضيقة. عوالم السحر والخيال تبتلعه، وتحبسه في الداخل. تستنجد آني بمجموعة من الأصدقاء لمساعدة دايف العالق على الخروج. لكن المجموعة ستصطدم بكائنات غريبة وبقوى شريرة تحاول النيل من أعضائها واحداً بعد الآخر. يلجأ المخرج الأميركي إلى السخرية والكوميديا لشحن شريطه العبثي الذي لا يحاول الوصول إلى نهاية محددة، فيما لا يقودنا الحوار المبهم بين الشخصيات إلى خلاصة أو معنى واحد. يحتفظ الشريط بطموحات متواضعة أقصاها يرمي إلى فتح ثقب ممتع في جدار الواقع، بأقل كلفة ممكنة.

Thousand Cuts ـــ إريك فاليت
14/9 ـــ س: 20:00



من المفترض ألا يكون هناك ما يدعو إلى الخوف داخل كرم في الجنوب الفرنسي. لكن هذا لن يبعد التوتر عن شريط Thousand Cuts (410 د ــ 2017) لإريك فاليت. يصبغ المخرج الفرنسي فيلمه التشويقي باللون الأحمر، الذي لا يأتي من العناقيد بل من أحشاء الجثث. مع زوجته وطفلته يعيش عمر في كرم بعيد. إنه الشتاء. يتلقون زيارة من سائق دراجات مجهول يلهث خلف مخبأ. لكن ماضيه ينكشف سريعاً وهو يحاول إحياء طرق إعدام وحشية يتم فيها تقطيع الميت بالسكين حتى الموت، وفق عقوبة لينغتشي الصينية القديمة. لا يعتمد المخرج في شريطه الروائي السادس على التشويق المجاني. يضفي فاليت إليه بعداً سياسياً اجتماعياً يجد طريقه بين صناع النبيذ في فرنسا وتجار المخدرات في كولومبيا. أما رهاب الغريب فتصيب شخصيات الفيلم الذين يتحدرون من جذور وجنسيات مختلفة. يلي عرض الفيلم نقاش مع مخرجه إريك فاليت.

«خصال حسنة» ـــ جوليانا روجاس وماركو دوترا
15/9 ــ س: 18:30



كثيرون خاضوا هذه العلاقة المعقدة بين امرأتين أو أكثر؛ رائعة إنغمار بيرغمان النفسية القاتمة «بيرسونا»، وحلم روبرت آلتمان الطويل «ثلاث نساء». يرتكز «خصال حسنة» (137 د ــ 2017) لجوليانا روجاس، وماركو دوترا على العلاقة المركّبة بين كلارا وآنا. من ضواحي ساو باولو تأتي كلارا إلى شقة فخمة، لتعمل كمربية لطفل آنا الذي لم يولد بعد. فيلمهما المشترك الذي ينهل من جماليات هوليوود الأربعينيات والخمسينيات السينمائية ومن الميثولوجيا على السواء، يحاول تقريب المرأتين رغم اختلافاتهما الجذرية. كلارا الفقيرة ذات بشرة سوداء، فيما آنا الغنية استأجرت منزل بطبقتين في ساو باولو بعد انقطاع علاقتها مع أهلها، إثر علمهم بخبر حملها. يتوقف العمل عند العمر والإيمان والجذور، والطبقية والعرقية، وغيرها من الاختلافات التي لا تنجح في أن تحد من رغبات المرأتين. بعد عرض الفيلم، سيشارك المخرجين في نقاش مع الجمهور البيروتي.


«جحيم بارد» ـــ ستيفان روزوفسكي
16/9 ــ س: 20:30



إنه جاك السفاح آخر، أشبه بمحارب مقدّس يلبي نداء الله عبر التخلص من العصاة. ضحاياه هن من النساء المسلمات اللواتي يعملن في الدعارة. في فيينا المعاصرة يرسم ستيفان روزوفسكي ملامح قاتله المتسلسل في شريطه الجديد «جحيم بارد» (92 د ــ 2017). يقتبس المخرج النمسوي عنوان فيلمه من الزمهرير، الزاوية الباردة جداً من جهنم التي يتوعّد بها الدين الإسلامي الكفار. يضع روزوفسكي، الهجمات الإسلامية الأصولية، والإسلاموفوبيا المضادة ضمن سياق تشويقي ومرعب. حين كان يهم بقتل إحدى جاراتها، تشهد المهاجرة التركية في فيينا على الحادثة، بينما يتنبه السفاح إلى وجهها ويتوعدها بالقتل. رعب آخر سيضاف إلى رعبها اليومي؛ العنصرية والتمييز الجندري الذي تتلقاه يومياً، إلى جانب تخلي عشيقها عنها، وتخلي الشرطة عن مهام حمايتها. لا يعتمد الشريط على العنف البصري، بقدر ما يحاول مضاعفة عناصر الانتقام النسوي من كل ما يواجه البطلة.

Suspiria ـــ داريو أرجينتو
17/9 ــ س: 16:00



يضرب لنا المهرجان موعداً كلاسيكياً مع الرعب الصافي في شريط Suspiria (98 د) لداريو أرجينتو (1940)، بمناسبة مرور أربعة عقود على إطلاقه عام 1977. لأكثر من خمسين عاماً، ترك عراب الخوف الإيطالي تأثيراً في سينما الرعب في العالم الحديث. فيلمه suspiria هو الفيلم الأول في ثلاثيته «الأمهات الثلاث»، يليه «إنفيرنو» و«أم الدموع» حول قوى شريرة خفية تحاول التسلل إلى الأرض. في ميونخ السبعينيات، تصل راقصة الباليه الأميركية سوزي بانيون للالتحاق بأكاديمية طليعية للرقص. هناك، يستقبلها مشهد غير متوقع، حيث ترى الصبية بات هاربة من أحد الأبواب في نوبة هستيرية. بعدها بوقت قصير، يعثر على بات جثة مشوّهة في إحدى الشقق. يشحن أرجينتو أجواء فيلمه المخيفة بمراجع بصرية منها التعبيرية الألمانية، والألوان المشعة لقصص ديزني وبطلتها بياض الثلج، ما يجعل من مشاهد القتل في العمل الأكثر رسوخاً في تاريخ السينما.