القاهرة | خالف «بعد البداية» (كتابة عمرو سمير عاطف، وإخراج أحمد خالد موسى) كل التوقّعات، وبات هو الحصان الرابح في دراما رمضان حتى الآن. أكّد المسلسل أن الإخلاص سبب أساسيّ، وربما وحيد لنجاح أيّ فكرة درامية. قبل أيام قليلة من رمضان، كان مسلسل «بعد البداية» خارج قائمة العشرة مسلسلات المتوقع نجاحها في موسم دراما 2015. الصفة التي كانت تلازم العمل هي أنه البطولة المطلقة الأولى للممثل المجتهد طارق لطفي، بعد 17 عاماً من ظهوره في الفيلم الشهير «صعيدي في الجامعة الأميركية» (إخراج سعيد حامد وتأليف مدحت العدل).
كلّ أبطال الفيلم تحوّلوا إلى نجوم سينما ودراما ما عداه هو. انتظر لطفي كل هذه السنوات ليحصل على البطولة، بالتالي كان من الطبيعي أن يرتبط المسلسل بهذه الملاحظة فقط. أما نسب المشاهدة، فلم تكن متوقعة، لأن الموسم كالعادة مليء بالنجوم، لكن العمل نجح في لفت الأنظار منذ حلقته الأولى، خصوصاً أنّه معروض على أكثر من قناة وفي تواقيت مختلفة. صحافي شهير وناجح ومطارد من مجموعة من الفاسدين، يستيقظ من النوم ليقرأ خبر انتحاره منشوراً في كل الصحف، بما في ذلك الصحيفة التي يعمل فيها بعد اتهامه بالتجسّس. حضر جنازته بنفسه وهو لا يعرف مَن الذي يتربّص به، ويحاول قتله بعدما أُعلنت وفاته فعلياً عبر وسائل الإعلام. بداية مشوّقة لخيط طويل من الأحداث الدرامية المثيرة التي أجاد فيها الجميع. الإخلاص كان سمة أساسية في نجاح هذا المسلسل، سواء في الكتابة أو الإخراج أو التمثيل. طارق لطفي ما زال يرفض تعبير البطولة المطلقة، ونتمنى أن يظلّ كذلك عاماً تلو آخر، حتى لو أصبح اسمه الأوّل على الشارة دائماً. تُثبت الممثلة التونسية درة زرّوق مجدداً أن مستواها في الأداء يرتفع من عام إلى آخر. كذلك، يتفوق المغني خالد سليم في شخصية الضابط الفاسد على نفسه، والنجم المخضرم فاروق الفيشاوي عاد إلى الأضواء بخبرة السنوات التي وضعها في شخصية اللواء كمال سليم. تُضاف إلى هؤلاء قائمة طويلة تضمّ أيضاً محمود الجندي، محمد عادل، روجينا، نبيل عيسى وغيرهم. كان واضحاً حرص الشركة المنتجة «فنون مصر» على توفير إمكانات حقيقية إلى حدّ تصوير مشاهد مطاردات داخل ميادين وسط البلد. سابقة لا تتكرّر كثيراً بينما معظم المسلسلات، إما تلجأ إلى الكروما أو تبني ديكورات مشابهة في مدينة الإنتاج الإعلامي، وتوفّر على صنّاع العمل عناء التصوير في الزحام، لكنها لا توفر للمشاهد الصدقية الكافية. العمل تميّز أيضاً بأنه قد يكون الأول الذي يقدّم للمشاهد كواليس صناعة الصحافة كما هي من دون الكليشيهات المضحكة التي تتكرّر في السينما والمسلسلات منذ عقود. أسهم في ذلك تصوير مشاهد الصحيفة التي يعمل فيها البطل عمر نصر في صالة تحرير جريدة «اليوم السابع» وظهور الصحافيين الحقيقيين في الخلفية. باختصار، لم يسع صنّاع «بعد البداية» للضحك على الجمهور، وأخلصوا للفكرة ونفّذوها جيداً، فتقدّم المسلسل السباق الرمضاني على حين غرة، وتخطى نجوماً كثيرين وثقوا في أنفسهم أكثر من اللازم.

* «بعد البداية»: يومياً 00:00 (بتوقيت بيروت)
على قناة «النهار»


https://www.youtube.com/user/NashazHD