بعدما استعرض الجزء الأول من «خلف التلال» (إعداد وإخراج عباس فنيش- إنتاج «الميادين»)، السياق التاريخي لنتائج معركة «القصير»، التي نقلت ثقل المسلحين الى منطقة القلمون (خريف 2013/ شتاء ربيع 2014)، وأتاحت لهم مساحة خصبة للتحرك اللوجستي والأمني هناك، وانتشار معامل التفخيخ التي جيء بها الى داخل الأراضي اللبنانية، مما خلّف سلسلة تفجيرات أودت بحياة العشرات من مدنيين وعسكريين... يتزامن عرض الجزء الثاني من الوثائقي المعنون «من فصل جرد الطفيل الى جرود عرسال»، مع معركة جرود عرسال التي يقودها الجيش اللبناني، و«حزب الله» في وجه جبهة «النصرة».
هذا الجزء يطلّ تحديداً على مرحلة صيف 2014، التي توسعّت فيها رقعة التفجيرات، ويكشف المخطط الذي كانت تعدّ له هذه الجماعة الإرهابية وحلفاؤها، من إقامة إمارة في جرود بريتال ويونين وغيرهما. كما يعرّج على دخولها منطقة عرسال في صيف 2014، وترحيب جزء كبير من الأهالي بها، وتحويل الاشتباك العسكري من الحزب الى الجيش اللبناني وقتها، مع استشهاد 17 عنصراً وجرح أكثر من 80، الى جانب أسر 28 عنصراً على أيدي «النصرة» و«داعش». هذا الدخول الى البلدة البقاعية، عزّز أكثر من وجود ونفوذ «النصرة»، إيذاناً بنقل المعركة الى الداخل اللبناني كما سنسمع من «أمير جبهة فتح الشام» أبو مالك الشامي، في تسجيل صوتي أعقب دخول المسلحين بلدة عرسال.
على مدى 50 دقيقة، يفنّد الشريط المعارك التي خاضها «حزب الله» في وجه هذه الجماعات المسلحة، التي شكلت وقتها خطراً كبيراً على لبنان، بتمركزها على الحدود الشرقية مع سوريا، على طول 800 كيلومتر، كانت تحت سيطرة «داعش»، و«النصرة» في عام 2014. ويستعرض مع نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، هذه الخطورة، ومع الصحافي المواكب لهذه المعارك خليل حرب، التشعب الإقليمي لهذه المعارك، الى جانب العميد المتقاعد الياس حنّا، الذي سيتولى الشرح العسكري اللوجستي لهذه المرحلة.
بمشهدية عسكرية غنية، وبفيديوات تعرض للمرة الأولى من «الإعلام الحربي» الذي كان له الثقل الأساسي في هذا الوثائقي، بما يمثله دور الصورة من أهمية «كي لا تخدع الناس» كما قال قاسم، يسرد الشريط السياق التاريخي للمعارك، من القلمون الى السلسلة الشرقية، معززاً بشهادات من ضباط ميدانيين من «حزب الله»، والجيش السوري. تسلسل زمني يبدأ من عام 2014 ويمرّ على عام 2015 تحديداً شهر أيار (مايو)، وصولاً الى 11/5/2017، موعد إعلان مناطق السلسلة الشرقية والقلمون، نقاطاً «آمنة»، وإعلان انهيار جبهتي «النصرة»، و«الفتح» هناك.
إزاء هذه المشهدية العسكرية واللوجستية المفصلّة، والإضاءة على دور القائد مصطفى بدر الدين في هذه المعارك، عبر عرض تسجيل مصوّر له، يؤكد فيه أهمية حسمها، يخرج العامل الإسرائيلي، كطرف أساس في هذه المعركة، وكمراقب قلق عن بعد لما يجري. في هذا الجزء، يظهر الداخل الصهيوني ارتياحه، لوجود «بيئة سكانية مؤيدة للجماعات الإرهابية» (عرسال)، وتشكيل هذه المعارك «تهديداً لخطوط إمداد نقل السلاح من سوريا الى لبنان». كما يظهر الدور العربي والدولي في هذه المعارك، وتورطه في التفجيرات المتلاحقة في لبنان، من الولايات المتحدة وصولاً الى قطر والسعودية وتركيا.
ينتهي الجزء الثاني والأخير من «خلف التلال»، بإعادة التأكيد على الدور التكاملي بين الأجهزة اللبنانية و«حزب الله»، في كشف المتورطين في التفجيرات الإرهابية. وهذا ما يعيدنا إلى بدر الدين الذي يتحدث في أحد التسجيلات عن تفجير برج البراجنة.

«خلف التلال» (الجزء الثاني والأخير): غداً الأحد عند الساعة 21:00 على «الميادين».