تونس | وليست الضحية كالسفّاح، ميشال بوجناح، ممثل يهودي تونسي وشخصية بارزة في الاعلام الفرنسي، هو ذلك اليهودي السيفرديم الذي يحبه الرأي العام الفرنسي. هو يسخر من كل مركبات ثقافته، وقد جعل ورفاقه من تونس طبق كسكسي و café des délices.
جعلوا من وطن بضعة مشاهد وصوراً نمطية يتندرون بها بطريقة سخيفة تضحك الجمهور الفرنسي، وتحزننا نحن ايما حزن وحسرة. صرت عندما تعرف عن نفسك وتفصح عن جنسيتك الكريمة ــ أكنت تونسياً أو جزائرياً أو مغربياً ــ يجيبك الفرنسي: j'adore le couscous. ثلاث آلاف سنة حضارة، اختزلت عن قصد أو عن جهل في صحن كسكس. فتسأل صديقك الفرنسي: أي صحن كسكس تريد؟ هناك الكثير منه. عن اي كسكس تتحدث يا صديقي؟ ذلك الذي تأكلونه في نزلنا التي تزدحمون فيها كل صيف وتدفعون ثمن الليلة، all inclusive، عشرة يورو؟ ذلك ليس كسكس... ذلك هراء. عن ميشال بوجناح أتحدث، واعتذر عن الثرثرة. ميشال وهو يخاطب الاسرائيلين الفرنكفونيين قال: c'est un kiff de jouer en Israël، و قبلها. عند انتخاب شارون، واثر الانتفاضة/ تساءل مستنكراً: أين أولياء أطفال الحجارة؟؟ تساءل كيف لأب فلسطيني أن يترك ابنه يرمي الجنود الصهاينة بحجارة، فيطلق الجندي الاسرائيلي النار على ذلك الطفل، فموت الطفل الصغير سيسبب حتماً «تروما» لذلك الجندي الشاب الفتي الذي يبلغ من العمر ثمانية عشرة ربيعاً! نعم هكذا حدّثنا بوجناح أيّام قصف اسرائيل للفلسطينية بالقنابل الفسفورية... هاج وماج الشعب التونسي وانقسم، فميشال بوجناح سيعتلي مسرح قرطاج يوم 19 تموز (يوليو) يتحفنا بآخر إصداراته الصدئة ونكات بطعم النّافتالين يضحك فقط أولئك الختايرة الـ confortables عديمي المبادئ والمبدئية. الذي أحزنني وكدّرني هو موقف اتحاد الشغل، الأحزاب، ووزارة الثقافة... فعلاً شيء مخجل! منظمات حقوقية طالبت السلطة التنفيذية بمنع العرض. الأحزاب المناضلة كذلك طالبت بتدخل السلطة التنفيذية لوقف العرض، ما هذا الهراء، لا يوجد في تونس قانون صريح يجرم التطبيع للأسف، ولم يبق في تونس من الثقافة الا وزارة صدئة تشبه نكات ميشال بوجناح. ثم إنّ تونس بعد الثورة ودستور الحرية والكرامة، لا تقبل بتدخل السلطة التنفيذية في المجال الإبداعي والفنّي! مدير المهرجان يجب أن يحاسب لانه عديم المسؤولية ولا يحترم دباجة دستور الحرية والكرامة، قد صرّح على إذاعة «موزاييك»: «ميشال ليس من ابرز روّاد الصهيونية، وهو كيهودي يحب اسرائيل كما المسلمون يحبون مكة!» ثم أردف: «ميشال بوجناح ليس صهيونياً جداً!» سكت المدير دهراً ونطق كفراً، هكذا يبرر سوء برمجته. هكذا مدير أهم مهرجانات القارة الافريقية، الا وهو مهرجان قرطاج، يبرراختياره لمن ساند شارون ضد أطفال الحجارة! الا يعلم السيد مدير المهرجان أنّ دباجة الدستور التونسي تؤكد على أنّ الدولة التونسية تساند حق الشعوب في تقرير مصيرها وتناضل كـ «دولة» أي من خلال جميع مؤسساتها ـــ مهرجان قرطاج مؤسسة من مؤسسات الدولة التونسية ــ ضد «كل انواع الاضطهاد والعنصرية». الم يتفق العالم بأسره بأنّ «اسرائيل» هي دولة ابارتايد؟ الا يعلم السيد مدير المهرجان أنّ اسرائيل ارتكبت جرائم في حق الانسانية واستعملت أسلحة محرمة دولياً؟؟؟ ميشال بوجناح الذي يبكي تونس على المنابر الإعلامية وقت الذروة، ويتحدث بشغف عن حبه لتونس وولعه بوطنه، هل أتى اليه حديث «عملية الساق الخشنة» سنة 1985، 1 أكتوبر، راح ضحيتها عشرات المواطنين التونسيين؟ 68 قتيلاً و100 جريح! الا يعلم السيد انه عندما كان شارون وزير دفاع وهو الذي خطط لتلك العملية، شارون الذي يسانده ميشال بوجناح، وساند حكومته في مجزرة جنين 2002؟ يجب محاسبة مدير مهرجان قرطاج على سوء تنظيمه والبلبلة التي اثارها والمأزق الذي وضعنا فيه. هل ندع ميشال التونسي الصهيوني قليلاً حسب تعبيره ينكت أم نمنعه وتعود السلطة التنفيذية إلى عادة قديمة! هل يعلم ميشال بوجناح أنّ الضحية ليست كالسفّاح؟ تونس التي تتشدق بحبها ايها الصهيوني، قصفها جيش الوطن الذي تحبه أكثر من كل شي. ( il a dit j'aime Israël plus que tout)