خرج محمد قيس من استديوهات mtv حيث قدّم مواسم عدّة من برنامج «اسألوا مرتي»، ونزل إلى الشارع وتسلّم دفّة برنامج «treka علينا» الذي يبثّ يومياً (18:30). العمل هو جديد على الشاشات في كل شيء. فكرة لبنانية مئة بالمئة، غير مأخوذة عن فورما أجنبي، كما حصل مع باقي البرامج.
يبرهن «treka علينا» على أن القنوات اللبنانية قادرة على صنع برامج محلية من دون الاستعانة بأيّ عمل مستورد. برنامج بسيط من دون تكلّف، أشرف عليه فريق عمل كبير. ولدت فكرة «treka علينا» من قلب المجتمع، وتلمس كل متابع سيتأثر بالمشاهد الحقيقية في البرنامج. إذ لا يخلو منزل لبناني من سيارة تحتاج إلى العناية والاهتمام. مشروع جمع فيه قيس بين الجانب الإنساني والاجتماعي، ولا ينسى أن يرسم ابتسامة في نهاية كل حلقة. يقوم «treka علينا» على تصليح سيارة وتجديدها وتقديمها إلى صاحبها بطريقة مؤثرة من دون علمه. كل سيارة لها حكاية معينة، ويشترط أن تكون لربّ عائلة يتّكل عليها في عمله (سائق تاكسي أو عامل) وبمثابة مصدر رزقه.

فكرة لبنانية مئة بالمئة وليست مأخوذة عن فورما أجنبي

يسير قيس في الشوارع (من الشمال إلى الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية)، باحثاً عن صيد جديد. يتنقّل بين السيارات، ويقع نظره على أكثر سيارة مرّ عليها الزمن، وتعاني العديد من المشاكل. تكون السيارة أشبه بـ«هيكل» فقط، أو «كومة حديد» أهملت بعد تعرضها للشمس. يختار قيس واحدة من السيارات، ثم يفتش عن أصحابها من دون أن يخبرهم بمخططه. يدخل المقدّم إلى المنزل، ويتعرّف إلى عائلة صاحب السيارة. يجدّد السيارة بسرعة، من البويا إلى التصليحات الكهربائية، لتعود السيارة أفضل مما كانت عليه سابقاً. حلقات «treka علينا» (منتج منفذ بيار رباط) ناجحة، لأنها بعيدة عن «الفذلكة» والتصنّع. كما أن عفوية محمد ساعدته في أن يكون مرتاحاً أمام الكاميرا. يمشي في الشارع ويوزّع ابتسامته، ويعمل جاهداً على إدخال الفرحة. اللافت أن عوامل عدّة دفعت بنجاح «treka علينا»، فكاميرا المخرج يوسف بونافع ركزت على تفاصيل دقيقة في الشوارع التي تساعد على إيصال الرسالة. ترك الحرية للكاميرا، فخرجت الحلقات مع القليل من المونتاج. من الواضح أن قيس بذل مجهوداً في عمله، ليقدّم حلقات ناجحة بعيداً عما تعرضه الشاشات المحلية. يتفاعل مع صاحب السيارة بشكل مؤثر ويعطيه أملاً بأنّ الحياة تحمل المفاجآت السارة أيضاً، ويعيش الدور بطبيعته من دون مبالغة. يليق بالمقدّم تولي هذه البرامج التي تحتاج إلى سرعة في الحركة. عمل تلفزيوني سريع وشبابي، ومحدّد الأهداف وواجهته إنسانية بحت. يتناول في كل حلقة قصة خلفها حكاية مؤلمة، ولم يستطع صاحب السيارة أن يجدّدها بسبب ضيق حالته. في المحصلة، فـ«treka علينا» عمل خارج المنافسة الرمضانية، لا مثيل له على الشاشات. مشروع لا يحمل لواء الكآبة أو الحزن، بل يصوّر الواقع اللبناني كما هو. يستحق البرنامج تحية، ويمكن أن يقدّم على مواسم عدّة من دون أي يشعر المشاهد بالملل أو التكرار.

برنامج «treka علينا» يومياً (18:30) على Mtv