منذ الحلقات الأولى لـ «غرابيب سود»، قوبل المسلسل برد فعل نقدي وجماهيري واسع بسبب الشكل العام الذي يحكم العمل، والعقلية التي يعالج بها أحد أخطر التنظيمات الإرهابية، حتى إنّ أسماء مكرسة على مستوى الدراما العربية وجهّت سهام النقد العلني له.
إذ كتب السيناريست السوري حسن سامي يوسف على الفايسبوك بأنّه لو كان للتفاهة عنوان، لكان اسمها «غرابيب سود». أيضاً، هاجم السيناريست سامر رضوان العمل بالقول «القضايا الكبرى، تحتاج عقلاً ناضجاً للصراع معها، ولا يمكن للتخلف والجهل أن يُناقشا بتخلف وجهل مقابلين. هذا هو الفرق بين مسلسل «الجماعة» الذي كتبه عقل كبير كوحيد حامد، ومسلسل «غرابيب سود»».
لكن القصة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ فجّرت عائلة الطيار الأردني الراحل معاذ الكساسبة مفاجأة حين أعربت أخيراً من خلال صحافة بلادها المحلية عن انزعاجها من المسلسل الذي «يبتزّ العائلة ويغمز لاسم ابنها من دون ذكره صراحة». أمر خلّف رد فعل غاضباً من قبل العائلة، إذ ذكر أحد أفرادها في تصريح صحافي أن «العام الماضي، كان سيُعرض على إحدى القنوات العراقية شهيد عائلتنا في مسلسل كوميدي يسيء له، لكننا تدخلنا وأوقفنا عرضه بالطرق القانونية والدبلوماسية». من هذا الباب، ناشدت عائلة الكساسبة سلطات بلادها للتدخل لدى الجهات المعنية لإيقاف عرض المسلسل، على اعتبار أنّه يطال رمزاً أردنياً، ويسهم في تأجيج الحزن لدى هذه العائلة على حد تعبير شقيق الطيار الراحل لموقع «خبرني» الأردني.
مصادر مقربة من mbc المشاركة في إنتاج المشروع، قالت لنا بأنه من المرجح بأن تكون جهات سياسية أردنية رفيعة المستوى تواصلت مع الشيخ الوليد الإبراهيم صاحب mbc طالبةً منه إيقاف المسلسل. وهنا توافقت تطلعات تلك الجهات، مع رغبة نسبة كبيرة من جمهور القناة السعودية، إلى جانب رغبة الإبراهيم من الأصل، بإيقاف المسلسل بعدما شاهد حلقاته الأولى وفق ما توضح هذه المصادر. أضف إلى ذلك الحملة النقدية المجابهة له، خاصة أن هناك من بدأ بالتعاطف مع التنظيم الأسود بسبب أحداث هذا العمل الذي يبدأ بشارة غريبة من حيث الموسيقى واللحن، تبدو كأنها إحدى أنشودات «داعش».
على العموم، يتعاطى المسلسل العربي المشترك بسطحية مع التنظيم الإرهابي من دون أن يلتقط منه سوى ما تم تداوله وطرحه بشكل عام عن الفجع الجنسي، والغباء الاجتماعي، وما إلى هناك من كليشيهات، من دون الغوص في الأسباب الحقيقية لهذا الورم السرطاني، وما رافقه من فتاوى دينية مقرّها السعودية التي شكلت داعماً لوجستياً لوجوده، إلى جانب ما يتلقاه من دعم دولي واسع وارتباطات بأجهزة استخبارات عالمية.