لو أنّ lbci جمعت الصحافيين قبل نحو خمس سنوات وأدخلتهم كواليس تصوير مسلسل لبناني، لما كانوا اهتمّوا كثيراً بالنشاط. لكن بما أن الدراما المحلية تخطو خطوات سريعة نحو المنافسة، فإنّ دعوة الصحافيين لزيارة كواليس «الحبّ الحقيقي» (اسم مبدئي/ سيناريو باسكال حرفوش، وترجمة لمى مرعشلي، وإخراج جوليان معلوف) لقيت ترحيباً وتجاوباً.
تعرف القناة كيف تدشّن منافسة جديدة، ثم تتبعها باقي المحطات. في السابق، كانت الدراما اللبنانية في أسفل سلّم أوليات القناة لصالح الأعمال السورية والمصرية وكذلك المشتركة، بناء على مقولة «المشاهد عاوز كده». لكن في السنتين الأخيرتين، انقلبت المقاييس لأسباب عدّة أهمها اقتصادية، فأصبح للدراما اللبنانية حضور، رغم الملاحظات والمآخذ الكثيرة عليها (سواء في السيناريو أو التمثيل والإخراج).
ويبدو أن lbci ستكون «عرّابة» الدراما اللبنانية في هذه الفترة، وبالطبع ستنتقل «العدوى» إلى بقية القنوات. إذ أعلنت أنها ستحمل «لواء» الصناعة المحلية، وستقدّم سنوياً مجموعة أعمال تنتجها، إلى جانب عرض مجموعة قليلة من الدراما الأخرى (سورية ومشتركة). مع العلم أنها دخلت مجال الإنتاج قبل سنوات، وقدّمت العديد من المسلسلات، لكنها سوف تزيد عدد المسلسلات لتصبح ثابتة في جدولة برمجتها. وربما مع الوقت، «تخفّف» من عرض الدراما المصرية والسورية والمشتركة. ويبدو أنّ lbci وجدت أن إنتاج الدراما يخدمها من جميع النواحي (المادية تحديداً) ويغطي ساعات طويلة من بثّها. لذلك، حوّلت المزرعة التي صوّر فيها برنامج «الوادي» (نقل حياة المشاهير من الرفاهية إلى حياة بدائية) الذي عرض عام 2005 على شاشتها، إلى استديوهات ثابتة لتصوير الدراما هناك. تلك المزرعة في البترون (شمال بيروت) هي مكان استراتيجي لتصوير المشاريع، على اعتبار أنها في قلب الطبيعة. في هذا السياق، أعلن رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بيار الضاهر عن بدء مرحلة جديدة تشهدها الشاشات المحلية.

حوّلت المزرعة التي صوّر
فيها برنامج «الوادي» إلى استديوهات للدراما
تلك المرحلة التي قدّر زمنها بين 10 و15 عاماً، سوف تقوم على تقديم وتبنّي المسلسلات المحلية وعرضها على الشاشة. فنّد الضاهر وضع الدراما المستقبلي، لافتاً إلى أنّ لبنان مساحة مهمة لإنتاج المشاريع، فـ «الاستقرار الأمني يجذب المنتجين، وكذلك القدرات البشرية التي تتمتع بخبرة طويلة في الإنتاج، إضافة إلى توافر الانترنت الذي يعتبر العنصر الأساسي اليوم لتقديم أيّ أعمال تلفزيونية». يبشّر كلامه بفتح صفحة درامية جديدة، لافتاً إلى أننا اليوم «دخلنا مرحلة جديدة، وسوف يعتاد المشاهد على الإنتاج المحلي. الشاشات لديها استديوهات لتصوير برامجها، بينما lbci خصّصت مكاناً لتصوير المسلسلات». ويرى الضاهر أنّ الاتجاه اليوم في جميع الدول نحو الإنتاج المحلي، متوقّعاً أن «الحرب» بين الشاشات ستكون درامية في الفترة المقبلة». لكن كيف ستقف المسلسلات اللبنانية في وجه الدراما العربية التي تخصّص لها ميزانية ضخمة؟ يجيب الضاهر «إن الوضع اليوم هو في العرض والطلب، وأتوقّع أن تتراجع الدراما العربية المشتركة».
على الضفة نفسها، أوّل الأعمال التي يجرى تصويرها حالياً في مزرعة «الوادي» هو «الحبّ الحقيقي» (تنتجه lbci ومي أبي رعد) الذي تؤدي بطولته مجموعة ممثلين منهم باميلا الكيك، ونيكولا معوض، وجوليان فرحات، وألكو داوود ونهلة داوود... المسلسل «ملبنن» عن عمل مكسيكي، يروي قصة نورا (باميلا) التي تتعرّض للخطف (أو الخطيفة) من قبل راكان (جوليان). لاحقاً، يكتشف المشاهد علاقة الفتاة بشاب يدعى رامي (نيكولا). بين ليلة وضحاها، يتحوّل رامي من شاب فقير إلى غني يملك مزرعة حيث تدور أحداث العمل. اللافت أن المسلسل يمنح فرصة لممثلين شباب كي يظهروا مواهبهم بدلاً من النجوم «المكرّسين».

في هذا الإطار، يقول جوليان فرحات لـ «الأخبار» إنّه يلعب البطولة للمرة الأولى بعدما شارك في عدد من الأفلام، شارحاً «دوري يحتاج إلى شخصية قوية. باسم الحبّ أختطف فتاة وأعيش معها». من جهتها، تغيب باميلا الكيك في رمضان، لكنها تنشغل بتصوير المسلسل الذي انطلق قبل 40 يوماً. تقول: «لا أعاني من عقدة البطولة المطلقة، أنا فنانة ولديّ رسالة. دوري جديد، وهو يشبهني بالكثير من المواصفات. الشخصية ليست مركّبة، بل أطلّ بدور فتاة بسيطة تعاني مشاكل عاطفية». أما بالنسبة إلى نيكولا معوض، فالوضع مختلف، إذ يحضر في العديد من المسلسلات تحديداً المصرية، وعنها يقول «كان «ونوس» (عرض العام الماضي) العمل المصري الأوّل الذي ظهرت فيه. لاحقاً لعبت بطولة «هبة رجل الغراب»، حيث ظهرت بدور كوميدي مختلف عن العمل الأوّل. أما حالياً، فصوّرت المسلسل المصري «سابع جار» (كتابة هبة يسري وإخراج نادين خان) الذي يتحدث عن مشاكل بين الجيران». أما عن تجربته في «الحب الحقيقي»، فيلفت: «تشهد شخصية رامي الكثير من التحولات. يكون فقيراً ذا قلب حنون، لكن لاحقاً يصبح غنياً وقاسياً». بدوره، يلعب أليكو داوود شخصية محام يدعى عزيز، هو بمثابة «حلّال» المشاكل بين الأطراف المتصارعة. يقول: «أطلّ بدور المحامي الذي رافق الأب صاحب الثروة، وأتابع الرحلة مع الابن الذي ورث والده. المسلسل بحاجة إلى العناصر ليستمر بالتشويق، لأن أحداثه طويلة (أكثر من 50 حلقة)».
على الضفة الأخرى، تشبّه المنتجة مي أبي رعد «الحبّ الحقيقي» بأنه مغامرة، لكنها تردف «الفنّ بلا مغامرة لا يعتبر فنّاً!». لكن لماذا اللجوء إلى مسلسل مكسيكي رغم أنّ التربة اللبنانية مليئة بالحكايات؟ تجيب: «lbci لا يكفيها عدد ساعات الدراما التي يصنعها الكتّاب اللبنانيّون، فأتوا بمسلسل مكسيكي. لكن هذا لا يعني أن المحطة لا تريد عملاً لبنانياً، بل على العكس هي تهتم بالكتابة المحلية. بداية، ستصوَّر 50 حلقة من العمل، على أن ينتهي التصوير في تموز (يوليو)، وسيعود بعدد حلقات أخرى. التصوير والمونتاج سيمشيان سوياً كي يكون العمل حاضراً». أما المخرج جوليان معلوف، فيلفت إلى أن «مش أنا» (كتابة كارين رزق) كان أوّل عمل أخرجه. وعن المشروع الحالي، يشرح «المسلسل طويل، ولكنه ليس مملاً. حلقاته في تصاعد مستمرّ». باختصار، تخوض lbci تجربة درامية ستمهّد لمشاريع لاحقة، وتفتح صفحة جديدة ربما تكون بداية لطريق طويل.