في أوّل أيّام شهر رمضان، نشر الناطق باسم جيش العدو الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، فيديو يظهر فيه جالساً لتناول طعام الإفطار مع جنود عرب من جيش الاحتلال.يظهر الرجل في الفيديو مبتسماً «محتفلاً» بمجيء شهر الصوم، ويكمل الفيديو الساذج مشاهده. يجلس أدرعي على المائدة مع «أصدقائه المسلمين» من «كتيبة الدوريات الصحراوية». ويتوالى الجالسون، كلٌ على حدة، المباركة بالشهر، في جو بدا أشبه بالمدرسة الابتدائية ضمن منطق «قول يا حبيبي، قول يا شاطر». لا شكّ أنّ السيناريو أعد على عجل واستخفاف بعقول الناس للإيحاء بأنّ «الجميع سعداء» في الدولة العبرية. كمعلمة الأطفال، ينظر أدرعي إلى الجنود الآتين من قبائل بدوية عربية طوّعها الاحتلال عبر سنين للعمل معه. يحرّك رأسه أمامه مؤيداً ومشجعاً لهم على وفير جهدهم.

تحين اللحظة المنتظرة: يبارك «للأمة» بحلول رمضان، سائلاً أن يكون «خيراً» عليها. فهو يأتي و«الأمة» غارقةٌ في «وحول التطرف والإرهاب الذي يستخدم اسم الإسلام وآياته»، و«يتضرّع» للعلي ليجعل هذه الأيام أيّام أمنٍ وسلام على الجميع. يهز المجندون الجالسون إلى المائدة رؤوسهم شكراً لأدرعي الذي يدعوهم عند نهاية كلامه إلى تناول الطعام.
هذه المسرحية الهزلية ليست الأولى. فقد اشتهر أفيخاي أدرعي بهذا النوع من الفيديوهات التي ينشرها عبر السوشال ميديا عند كل مناسبة دينية (مسيحية/ يهودية/ إسلامية)، لإضفاء نوعٍ من المشروعية على جيشه وكيانه، وللإيحاء بأنّهما «منفتحين ويتقبلان الآخر». رغم السذاجة والسماجة، يحظى فيديو كهذا بأكثر من نصف مليون مشاهدة على يوتيوب، وأكثر من 9000 لايك على فايسبوك، فضلاً عن إعادة النشر طبعاً (الشير)! المشكلة لا تنحصر باللايكات والمشاهدات فحسب، بل إنّ فكرة دخول هذا الشخص إلى مجتمعاتنا بهذه الطريقة «المباشرة»، وبهذه و«الكثافة»، تقودنا إلى فكرة أنسنة القاتل، وتحوّله إلى مقبول ومسامح حتى على جرائم لم يعاقب عليها أبداً. وبحسب ما يقول عالم النفس الأميركي مايكل ثورندياك: «حصد التعاطف والأنسنة هو حلم كل قاتل. ففي تلك اللحظة يصبح القاتل بشرياً مسكيناً ونصبح مستعدين للتعاطف والغفران». باختصار، بات العدو يدخل إلى كل المنازل، بعدما كان هذا حلماً بالنسبة له في الأمس القريب. وبعضنا شريك في ذلك، حتى ولو عن طريق اللايك والشير!