دمشق | الطريق إلى حيّ ركن الدين الدمشقي طويل، وخاصة في عزّ ظهيرة يوم آذاري هارب من حرّ الصيف، ومزدحم بسيارات الموظفين وناقلاتهم في موعد انصرافهم. سيسهّل عبورنا على الحواجز المنتشرة بكثرة في شوارع «عاصمة الأمويين» مصادفة لقائنا بالنجم السوري فادي صبيح. نقرر مرافقته، هو المتجه إلى موقع تصوير المسلسل الكوميدي «سايكو» (كتابة أمل عرفة وزهير قنوع، إخراج كنان صيدناوي، وإنتاج «زوى» وشركة «الأمل»، التي تملكها عرفة والتي تلعب بطولة العمل بخمس شخصيات مختلفة).
اختارت نجمة «عشتار» أن يكون صبيح شريكها في بطولة المسلسل، إلى جانب أيمن رضا وفايز قزق وناظلي الروّاس، ويحيى بيازي، وليث المفتي، وطلال مارديني وروبين عيسى... سنصل قرب مبنى «الهجرة والجوازات» أكثر الأماكن ازدحاماً هذه الأيام! ننتظر أحد أفراد فريق الإنتاج. يتوّهنا في الأحياء الهادئة بعيداً عن صخب المبنى الحكومي، قبل أن يعود ويستدل إلى الشقة التي اتخذها فريق التصوير مقراً له، بعدما أقفل الشارع الموازي لها، وجهّز معدات التصوير. راح منفذو الإنتاج يمنعون وصول المتجمهرين من المارّة الذين يريدون استراق النظر إلى نجمة «دنيا» وهي تجسّد كركتيرات كوميدية متنوعة. التوقيت الذي وصلنا فيه، بدا مناسباً لتجاذب أطراف الأحاديث، كونه وقت استراحة قصيرة. استهللنا مع صبيح الذي قال لنا: «أجسّد شخصية صبحي، صاحب معمل مكعبات ثلج، وخطيب الصحافية اللامعة التي قررت تتبع عصابة متورطة بجرائم عديدة، وقد وُثِّقت تلك الجرائم على قرص مدمج عثرت عليه خطيبته، فأدخلته معها في دوامة البحث، بعدما فقدته نتيجة الضغط». هذه الشخصية سيكون أمامها فرصة للارتجال، وهو ملعب صبيح، وخاصة عندما يكون أمام شريكه أيمن رضا.

مسلسل عن الفساد
وعصابات النهب من بطولة: أيمن رضا، فايز قزق/ ناظلي الروّاس وطلال مارديني...



الجلبة في المكان لا تتوقف، حتى في الاستراحة. يتم العمل على إكمال التهيئة اللوجستية للمشهد، بينما يجتمع الممثلون في غرفة الماكياج مع عرّابة المسلسل ونجمته التي تركت لنفسها فرصة استعراض مواهبها أمام الجميع. تبدو صاحبة «عشتار» بمزاج ممتاز، وطاقة متوهجة، كيف لا؟ وهي عبارة عن مؤسسة مواهب مكتملة. لم تهزمها السنين التي طحنت بلادها، كما لم تتمكّن الحرب من سرقتها طويلاً من مدينتها الأثيرة دمشق. تقول في مطلع ترحيبها بنا «هنا مصنع الدراما السورية، رغم الأزمة، والحصار الإنساني، والتردي الخدماتي، تبقى هذه المدينة منبع الدراما السورية». تصمت قليلاً ثم تصدح بإحدى أغنيات علي الحجّار. لكنها لا تترك فرصة كبيرة للحضور كي ينطرب بهذا اللون الغنائي الرصين... سرعان ما تقف وتبدأ بالرقص وهي تغني «لاركب الحنتور» ثم تطلب منا المقارنة! المشهد الكوميدي المرتجل سيمهّد للحديث عن مسلسلها الجديد، فترفض الإدلاء بحديث صحافي رسمي. لكنها لا تبخل ببعض المعلومات، بدءاً من اقتراح شريكها زهير قنوع بأن تلعب الشخصيات الخمس الرئيسية في العمل، كنوع من التحدي والتجديد، معتمدة على خبرات الفريق الفني، ولمسة الابتكار في صناعة هذه الكركتيرات. سريعاً نفهم منها أنّ قصة العمل تتمحور حول شقيقتين توأم (وصال ودلال) الأولى صحافية محنكة تعثر على قرص مدمج يفضح مسؤولين سياسيين تحولوا إلى مافيات بذريعة الحرب، فيوصلها المتضررون من هذا القرص إلى مشفى الأمراض العقلية، بعد أن يضيع هذا القرص. تتبرّع شقيقتها دلال بالمكوث مكانها في المشفى لتتيح لها الخروج، والبحث برفقة خطيبها صبحي عن القرص من أجل تقديمه للقضاء. كذلك، ستلعب عرفة دوري عمتي «وصال»: ناجية المغنية المقيمة في بيروت، وهي شخصية استثنائية قاربت الأربعين، وتبدو متمردة على العادات والتقاليد، ودور العمة الشامية «حكمت» التي باتت بمثابة امتداد لأمها «نجدت» (تؤديها عرفة أيضاً) العجوز التي تختصر برشاقة وهضامة النساء السوريات وهن في آخر عمرهن.
يقطع الحديث المشوّق بلاغ الفريق الفني عن ضرورة جهوزية «حكمت» التي ينتظرها المشهد، لننتقل قرب النجمة ناظلي الرواس التي تصطحب نرجيلتها أينما تذهب. في حديثها معنا، تقول إنّها وافقت على الدور لاعتقادها أنها ستخوض تجربة كوميدية توظّف فيها خفة ظلها المشهودة، لكنها لم تحظ سوى بدور جدّي لفتاة مافيا. تستعير الروّاس الزي التقليدي للعصابات، ببنطال وجاكيت جلد أسود، وربطة ذيل الحصان لشعرها. تقول: «الشكل الكلاسيكي لهذه الشخصيات هو الأنسب لها. ألعب دور مرافقة رجل مافيا كبير (فايز قزق) مهمتها مطاردة الصحافية وصال، والعثور على الـ cd الذي يورّطه ويكشف فساده».
من جانبها، تحكي الممثلة الشابة روبين عيسى عن دورها، فتقول: «أجسّد شخصية صباح، شقيقة صبحي التي تعمل كوافيرة. لا تركز القصة على مهنتها بقدر ما تدخل كواليس تركيبتها الساذجة، وعلاقتها المربكة بخطيبها طاهر (طلال مارديني) كونها تعشق نايف (يحيى بيازي) وهما عاملان في مؤسسة شقيقها. تحاول أن ترافق عائلتها في رحلة البحث عن الـ CD، وتجرّب دائماً التذاكي، فتوقع عائلتها في مآزق نتيجة سطحيتها». من جانبه، يقول طلال مارديني عن شخصيته إنّه «سيحصل على الـ cd بمصادفة ما. وعندما يعرف هذا الانتهازي أهمية ما عثر عليه، ينفصل مباشرة عن خطيبته ويبتعد عن العائلة المسكونة بهذا الهاجس، ويدخل في موجة مفاوضات لكي يقبض ثمن ما يملكه».