جمعيات ومنظمات معنية بحرية الرأي والتعبير، استنكرت ما تعرّضت له «الجديد» من اعتداء وترهيب. حملة «بدنا نحاسب» نددت بـ «الاعتداء على المؤسّسات الإعلاميّة وقمع الحريّات عبر الترهيب والتكسير والتعرُّض لأمن المواطنين وحقوقهم الدستوريّة، وتتساءل أين اختفت قوى مكافحة الشغب التي أمعنت ضرباً واعتقالاً بالمحتجّين السلميّين خلال مظاهرات الحراك الشعبي».
وتابعت: «إننا نستغرب تقاعس القوى الأمنيّة التي لم تَقُم بإلقاء القبض على أيّ من المعتدين، ونحذّر من استمرار هذا النهج، الذي تُتحِفنا به قوى الأمن الداخلي كلّما تعلّق الأمر بمن يتبعون لإحدى قوى السلطة، وآخر تجليّاته الاعتداء على مبنى قناة «الجديد»، وقبله الاعتداء على المعتصمين الرافضين لسياسة قضم حرج بيروت. أخيراً وليس آخراً، وإزاء تصريحَي وزير العدل والمدّعي العام التمييزي بأن القضاء سيقوم بملاحقة المعتَدين، نشير إلى أن هذين التصريحَين لن يكتسبا قيمةً تُذكَر ما لم يقترنا بالتنفيذ، ونُعلِن أننا سنستمرّ في دورنا بالمراقبة الشعبيّة وننتظر ملاحقة جميع المعتَدين عاجلاً لا آجلاً، لأن القضاء الذي لا يُحاسِب مرتكِبي الجرائم ليس قضاءً البتّة». في الإطار عينه، أصدرت «مؤسسة مهارات» بياناً أعربت فيه عن «تخوفها من تدهور حرية التعبير والإعلام، وشددت على ضرورة حماية المؤسسات الإعلامية ومحاسبة المعتدين كي لا تتكرس هذه الاعتداءات على الإعلام والحريات العامة». وأكّدت «مهارات» أنّه «لا يجوز استغلال موضوع الإخلاقيات الإعلامية لتدجين الإعلام والحد من دوره في إثارة النقاش العام، ولو كان في إطار برنامج سياسي ساخر يتناول أحد السياسيين بالنقد، ولو أثير ذلك في معرض ملف تغييب الإمام موسى الصدر، وهو رمز وطني جامع وقضيته وطنية تهم الرأي العام اللبناني بكل أطيافه. ومن المتعارف عليه في هذا النوع من البرامج النقدية الساخرة تضخيم الصور بأسلوب كاريكاتوري فكاهي ساخر يسلط الضوء على أحداث تشكل موضوع جدل ونقاش لدى الرأي العام. وهو جزء أساسي من المشهد الإعلامي في الدول الديمقراطية. ومن واجب السياسيين تقبل النقد بمداه الواسع إيماناً بمبدأ المسؤولية وتحمل الأعباء العامة». واعتبرت «مهارات» أنّ ما «ورد على لسان رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ في بأنّ «الكلمة استتبعت رد الفعل والتعبير الشعبوي» تبرير لأعمال العنف والغوغاء والترهيب مقابل الفكرة والرأي والتعبير مما يكرس مبدأ «الإرهاب الفكري»». وأعربت «مهارات» عن تخوفها من الدعوات إلى ضبط الإعلام بالمطلق، مشددة على أهمية دور «المجلس الوطني للإعلام» في «صون الحريات الإعلامية وحث المؤسسات الإعلامية على تطبيق المعايير المهنية والالتزام بأحكام دفاتر الشروط، وتدعو إلى الدفع باتجاه تشكيل مجلس وطني مستقل يحمي المؤسسات الإعلامية ويحثها على تطبيق المعايير. كما تشدد على ضرورة أن تعمل وسائل الإعلام على صوغ شرعات أخلاقية ومعايير تحددها بنفسها داخل مؤسساتها وتلتزم بها».
بدوره، دان «نادي الصحافة» التعدي على «الجديد»، مورداً في بيان: «ندين بأشد العبارات التعدي على هذه المحطة التلفزيونية، ونعتبر لجوء أي مواطن أو مجموعات من المواطنين إلى العنف من أجل الرد على ما قد يعتبرونه إساءة ضدهم، هو أمر مرفوض بموجب القانون والانتظام العام، وندعو المسؤولين المعنيين والأجهزة المعنية إلى منع تكرار هكذا أعمال تشرع الفوضى ومحاسبة القائمين بها».
كما أكّد أن «القضاء والقانون هما الوسيلتان المتوفرتان فقط للاعتراض على أي إساءة. حق الرد يكفله القانون، وبالتالي فإن الاعتداء على أي صحافي أو وسيلة إعلامية هو من الأمور المرفوضة جملة وتفصيلاً، ومسؤولية عدم تكرارها تقع على عاتق السلطات السياسية والأمنية التي أصبحت ملزمة بمعالجة هذه الظاهرة التي تستفحل يوماً بعد آخر». وفي سياق التضامن ذاته، أصدر «مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية ـ سكايز» (عيون سمير قصير)، بياناً «يدين بشدة الاعتداء السافر وغير المسوّغ لا قانونياً ولا أخلاقياً ولا تحت أي شعار كان، ويؤكد تعشش الفكر الميليشيوي في النفوس، والأخطر تملّكه في بعض من يتبوّأون أعلى المراكز في السلطة، فيستخدمون الشارع لمآرب شخصية يذهب ضحيتها الإعلام «فرق عملة» على مذبح «المقدسات» السياسية الجديدة ـ القديمة البالية، أو تلك التي تنظر بعين حولاء إلى حرية التعبير انطلاقاً من حزبيتها العرجاء وارتباطاتها السياسية الفاقعة». كما طالب «سكايز» السلطات الأمنية والقضائية المعنية والمختصة بملاحقة المشاركين في الاعتداء والمحرّضين والمحرّكين، ورفع الغطاء السياسي عنهم ومحاكمتهم وإصدار الأحكام القضائية بحقهم من دون استثناء، وعدم تمييع القضية.