على مدى 21 عاماً، أتقن لعبة الاستعراض الإعلامي، واقتناص اللحظات الحرجة من تاريخ لبنان
مقالات مرتبطة
-
الطائف ـ 3 إبراهيم الأمين
تميزّ غانم بأسلوبه الاستفزازي للضيوف، وبخروجه مرات عدة من عباءة المحاور إلى شخصية ندّية للضيف، بل إنّه حتى مارس «ديكتاتوريته» في المحاورة وفرض قواعد اللعبة على ضيوفه. في السنوات الأخيرة، لم يستطع غانم إخفاء انحيازه السياسي. كذلك، لم يثبت على «موّال» واحد، أكان فعلاً يخاف على مصالح الشعب ويكون منبراً للناس، أو بخلاف ذلك يخصّص مساحات كبيرة للساسة المتهمين في الأصل باستغلال هؤلاء الناس.
في أيلول (سبتمبر) 2012، كسر غانم قواعد الـ «توك شو» السياسي. طالعنا بمقدمة رأي تلفزيونية على غرار ما يقدم في النشرات الإخبارية، تتحدث باسم الشعب في وجه السلطة. كانت مساحة استعراضية لعبت فيها «البروجوكترات» كأنها قطعة مسرحية. بعدها كرر الأمر بمقدمة «لو ما نكون غنم» في كانون الثاني (يناير) الماضي. مقدمة أتت بعد دعم إعلان سمير جعجع ترشيحه لميشال عون. مقدمة «لو ما نكون غنم»، التي «سلخ» فيها غانم الشعب وعمّم عليه صفة الغنم» المستغل من قبل زعمائه، أسقطته مجدداً في الجدلية الساخرة «أنت معانا ولا مع التانيين؟».
في عزّ «الحراك» الذي هزّ لبنان في آب (أغسطس) الماضي، على خلفية أزمة النفايات، أخرج غانم مجدداً الشخصية الأكثر جدلاً في تلك الفترة. ظهر رئيس مجلس إدارة مجموعة «أفيردا»، المشغلة لشركتي «سوكلين» و«سوكومي»، ميسرة سكّر، ليعطى مساحة دفاعية، تحت عباءة المحاور المستفزّ وصاحب الأسئلة الاتهامية!
في كل هذه المشهدية، يصحّ وصف غانم بـ «رجل لكلّ الفصول». أتقن لعبة الاستعراض الإعلامي، واقتناص اللحظات الحرجة من تاريخ لبنان. كان من أوائل الإعلاميين الذين أدخلوا حيّز وسائل التواصل الاجتماعي إلى استديواتهم، وأوقع نفسه مراراً في اللعب على السلم الأهلي. يُعرف عن غانم غضبه السريع وهدوئه السريع أيضاً. يمنح فريق عمله الثقة، ويحرص على تظهير أسماء من يعملون ويجتهدون في صناعة تقارير برنامجه. لا يمنح ضيوفه فرصة معرفة الأسئلة مسبقاً، بل يكتفي بإطلاعهم على محاور الحلقة. يعيش نهاراته على وقع قراءة كل الصحف من مختلف التوجهات. يحضرّ لمواده بشكل جيّد عبر الاتصال بالسياسيين والخبراء والالتقاء بهم أيضاً. باختصار، مارسيل غانم حالة إعلامية منفردة، أكان بعفويته (صاحب ضحكة رنانة باتت لصيقة به) وكسره الحواجز مع الضيوف، أو في جدّيته وعلاقته مع السياسيين وأصحاب المصالح الاقتصادية. 21 عاماً طبع فيها مرحلة إعلامية تشوبها الإشكاليات، والإخفاق والنجاح على حدّ سواء.