يبدو أنّ الجميع في السعودية يغرّد عبر تويتر، يتقدمهم الملك سلمان بن عبد العزيز. رغم انضمام الأخير إلى هذا الموقع حال توليه الحكم، إلا أنّه سمح لمجلس الشورى بمناقشة حجب مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بحجّة «تهديد السلم والأمن الأهلي». يأتي ذلك في محاولة لاحتواء نشاط المدونين، عبر تعديل نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، تفادياً للدخول في دائرة الاحتجاجات التي أنتجتها سنوات من الاحتقان الشعبي في بلدان خليجية وعربية عدّة، خصوصاً أنّها بدأت تأخذ أبعاداً (طائفية) في المملكة والجوار.
بدايةً، انقسم النشاط على السوشال ميديا بين من يطالبون بدولة الحقوق، ومتشددين يدعون للقضاء على كل من يختلف معهم، لدرجة إقصائهم من دائرة المواطنة. في المقابل، غلب الطابع المتشدّد المعتمد على منهج الدولة، ما سمح بتمدّد «دعاة الفتنة» ومريديهم عبر مواقع التواصل، حتى وصل الأمر إلى درجة تباهي انتحاريي «داعش» عبر تويتر بأحزمتهم الناسفة، وسياراتهم المفخخة قبل استهدافهم مساجد «شيعية» في القديح والدمام لجمعتين متتاليتين. وهذه طبعاً مسألة «عادية» لا تستوجب الملاحقة قبل وقوع المجزرة.

تجري اليوم مناقشة توسيع نظام مكافحة جرائم المعلوماتية

فشل السلطات السعودية في حماية مواطنيها، رافقه فشل آخر تمثّل بعدم قدرتها على إصدار قانون لتجريم الطائفية. لم تُعلن هذه السلطات خلال الأسبوعين الماضيين عقب الجريمتين المذكورتين توقيف أي مساهم في تغذية الفكر المتشدّد لدى الإرهابيين الذين يتحرّكون لضرب مصالح وجهات وفق سياسات مرسومة سلفاً.
على المقلب الآخر، لم ينجح النظام السعودي سوى في إحكام قبضته على المعارضين السلميين، ملاحقاً إيّاهم بتهم جاهزة تُلقي بهم لسنوات خلف القضبان مثل التحريض وشق صف الوحدة الوطنية، والمساس بالأمن العام.
العام الماضي، خرج وزير الإعلام السعودي السابق عبد العزيز خوجة من دائرة الضوء بعد ساعات من قراره إغلاق مكتب قناة «وصال» التكفيرية في الرياض (الأخبار 4/11/2014). استمرّت القناة في الشحن ضد طوائف محدّدة في العراق وسوريا والبحرين والسعودية، من دون أن نغفل دور القنوات الحكومية الأخرى أو التابعة لها مثل «العربية»، و«الإخبارية» المحلية التي طردها أهالي شهداء القديح معتبرين أنّها إحدى أدوات التحريض التي أدت إلى المجزرة.
يومها، كسر مئات الآلاف حاجز الصمت، فيما ارتبطت قوّة الكلمات بالصورة في القطيف الثائرة. ضحايا الهيجان والسعار الطائفي لسنوات، رفعوا اللافتات في تشييع شهدائهم الـ 22 الذين سقطوا بسبب تحريض دعاة الفتنة أمثال الداعية محمد العريفي وآخرين الذي اتخذوا من «وصال» و«تويتر» منابر لهم.
كل ذلك، أظهرته مواقع التواصل الاجتماعي، لا صفحات الجرائد الرسمية السعودية، إذ اختفت اللافتات من تغطيات الحدث في اليوم التالي للمجزرة. تحدّث الجميع عن ضرورة «الوحدة الوطنية والترفّع على الجراح وتحكيم لغة العقل»، متغاضين عن حفلات الكراهية المستمرة. حفلات تجسّدت مثلاً في بثّ «العربية» بعد ساعات على تفجير القديح، برنامجاً يوضح أوجه الاختلاف بين الزيدية (الحوثيين) والمذاهب الشيعية الأخرى، متجاهلةً زيارة العريفي لوالد الانتحاري «أبو عامر النجدي» لتعزيته.
إذاً، سننتظر اليوم انعقاد مجلس الشورى لمناقشة توسيع نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، في مناسبة مرور ثماني سنوات على إصداره، في ظل غياب قانون يجرّم الطائفية في وسائل الإعلام والتواصل والمناهج الدراسية.