منذ بدء انتشار السرطان الداعشي في المنطقة، برزت تقارير ووثائقيات ميدانية عدّة تتناوله من جوانب مختلفة، محاولة رسم صورة واضحة لنشأته وكيفية تمدّده ومخاطره. «الميادين» في مقدّمة المؤسسات الإعلامية التي تخصص منذ فترة مساحة تسجيلية وافية لما يجري. بعد «نزيف الرافدين ــ ضحايا داعش» و«على ضفاف دِجلة» و«ما بعد الصدمة» والجزء الثاني من «آخر حروب أميركا»، ها هي قناة «الواقع كما هو» تذهب إلى العراق مجدّداً لتقديم القصة الحقيقية والسرية لتنظيم «داعش» هناك. غداً السبت، ينطلق الفيلم الوثائقي الميداني «حرب داعش والعراق» المؤلف من ستة أجزاء، ويحمل لناحية الإعداد توقيع علي الجوني الذي تشارك الإخراج مع علي جابر. تعرض هذه السلسلة (إنتاج «الميادين» ــ منتج منفذ: شركة «مانتس») نشأة «داعش» والفكر التكفيري في البيئة العراقية، بدءاً من الثمانينيات، مروراً بدور الاحتلال الأميركي وبعض الدول الإقليمية في دعم الانقسامات والتجييش الطائفي في هذا البلد، ما أسهم في بلوغ التنظيم الإرهابي مكانته في عام 2014 مع سقوط الموصل وغيرها من المناطق العراقية تحت سيطرته. فيما تولي أهمية كبرى للجانب التاريخي، تتناول السلسلة المعارك التي خاضها «داعش» في العراق وأبعادها العسكرية والجيوسياسية والاستراتيجية، إضافة إلى الرهانات المحلية والإقليمية والدولية المرتبطة بها، إلى جانب العوامل التي أدت إلى هزيمة التنظيم في مختلف المناطق. هيكلية «داعش» حاضرة أيضاً، وآليات الحكم داخل التنظيم، والأحكام والقوانين التي يفرضها على القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرته. وفي سبيل بلوغ أهدافه، يستند الوثائقي إلى مقابلات مع عناصر من «داعش» معتقلين في العراق، وأخرى مع مواطنين عراقيين عاشوا تحت حكم «داعش».
العمل من إعداد علي الجوني الذي تشارك الإخراج مع علي جابر
في الجزء الأوّل «طائفية... تقسيم» الذي يُعرض غداً (21:00)، نتتبع الجذور والسياسات المحلية والإقليمية والدولية التي خلقت البيئة الخصبة لتنامي الفكر التكفيري في العراق، ونكتشف خطط «الدولة الإسلامية» لتقسيم العراق، فضلاً عن المراحل التي مرّ بها التنظيم، وصولاً إلى إعلان الخلافة واحتلال الموصل وغيرها، مع تفاصيل مجزرة «سبايكر» على لسان عنصر شارك فيها.
الجزء الثاني بعنوان «آمرلي... انقلاب المعادلة» (29/10)، وفيه القصة الكاملة لحصار مدينة آمرلي (محافظة صلاح الدين) التي شكّل أهلها مجتمع مقاومة. التقى فريق العمل الأهالي الذين رووا قصة صمودهم والمعارك التي خاضوها والظروف القاسية التي عاشوها، فيما نشاهد انعكاسات هذا الصمود على فصائل المقاومة والحشد الشعبي والحكومة العراقية.
معركة تحرير جرف الصخر والتكتيكات العسكرية المعتمدة، حاضرة في «جرف النصر» (5/11). يركز الجزء الثالث على الأهمية الجيوسياسية والعسكرية لهذه المنطقة، ودور الجغرافيا في رسم ماضيها وحاضرها، خصوصاً أنّ قربها من السعودية جعلها «قاعدة لنشر الفكر الوهابي في العراق لنقل الدعم المالي الخليجي للتنظيمات المتطرّفة»، كذلك إنّ ربطها بين بغداد وكربلاء وارتباطها بمثلث الموت جعلاها «قاعدة انطلاق للعمليات الإرهابية في بغداد والحلة وكربلاء».
في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سنشاهد الجزء الرابع بعنوان «وأد الفتنة»، حيث قصة سيطرة «داعش» على محافظة صلاح الدين ومراحل تحريرها والرهانات المرتبطة بها وانعكاساتها على مشروع «داعش» في العراق.
كيف جرت معركة تحرير الفلوجة ومحيطها في محافظة الأنبار؟ وما هي أهمية هذه المدينة من الناحية العسكرية والجيوسياسية والجيواستراتيجية وانعكاساتها على مستقبل «داعش» في البلاد؟ هذان السؤالان وغيرهما محور الجزء الخامس «كسر الإرهاب» (19/11).
أما الجزء السادس والأخير «دولة داعش» (26/11)، فيركّز على هيكليات «داعش» وبنية وآليات الحكم والقوانين والأحكام التي فرضها على القاطنين في مناطق سيطرته، إلى جانب الممارسات بحق أتباع المذاهب والديانات الأخرى، مع إضاءة على سبي النساء ومن يحصل عليهن.
بالنسبة إلى علي الجوني، يكتسب هذا الموضوع أهميته من كونه جذّاباً وحسّاساً في آن واحد. «إنّه موضوع الساعة، وأعتقد أنّ جزءاً كبيراً من وسائل الإعلام المعروفة لعبت دوراً سلبياً في معالجته»، يقول لـ «الأخبار». ويضيف: «أردنا المزج بين الصورة التاريخية الوافية والعمل الميداني». وهو استفاد هنا من خلفيته البحثية الكبيرة، إضافة إلى خبرته المهنية في مجال الإعلام. استغرق الإعداد لهذه السلسلة شهران تضمّنا أربع رحلات إلى العراق. وفيما أثنى الجوني على تجاوب المواطنين مع الفريق، شدد على أنّ الوضع المعقّد على الأرض شكّل أبرز التحديات: «كنّا أحياناً ننتظر لأكثر من سبع ساعات على الحواجز للمرور إلى مناطق ممنوعة حتى على العراقيين من غير أبنائها. وعلى الطرقات واجهنا خطر عمليات «داعش» وتفجيراتها».

«حرب داعش والعراق»: بدءاً من الغد ــ كل سبت ــ 21:00 على «الميادين».