بعد مخاض عسير، بدأت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» عرض مسلسل «أمير الليل» (كتابة منى طايع، وإخراج إيلي برباري، وإنتاج شركتي M&M و«طايع إنتربرايز») في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي. جاء ذلك بعد أيّام قليلة على انطلاق برمجة lbci الخريفية التي تشهد منافسة حامية بينها وبين mtv. العمل الذي يقدّم نجم الغناء اللبناني رامي عيّاش بطلاً درامياً للمرّة الأولى، واجه عراقيل على صعد مختلفة، أهمّها الإنتاج وانسحابات الممثلين. مع العلم بأنّ المخرج فادي حدّاد صوّر ثلث الحلقات قبل أن يعتذر لأسباب يرجّح أنّها مادية ويتولى إيلي برباري إكمال المهمّة. يؤدي «البوب ستار» شخصية «الأمير عمر»، وتشاركه البطولة داليدا خليل في دور «فرح»، إلى جانب عدد من الممثلين اللبنانيين والعرب، من بينهم: بيتر سمعان، ميس حمدان، هيام أبو شديد، نغم أبو شديد، أسعد رشدان، نهلة داوود، روان طحطوح، بياريت قطريب، فادي متري، عصام مرعب، عصام الأشقر، وجيه صقر، جهاد الأندري، طوني مهنا، نجلا الهاشم، خالد القيش، أحمد كرارة، وليلى بن خليفة...
تدور الأحداث في زمن الانتداب حول الحب والوطنيّة والطبقية والفساد

تتوفى الأميرة «ناديا» بعد صراع مع المرض، وتترك للأمير ابنتهما الوحيدة «ريم» التي تواجه أزمة نفسية بعد هذه الحادثة الأليمة، ولا ترتاح إلا بوجود خالتها «فرح». رغم كرهها له وملاحظتها الكثيرة على شخصيته وطبيعة حياته الصاخبة والحياة «البائسة» التي كانت تعيشها شقيقتها معه، توافق الشابة المتمرّدة على الزواج بـ«عمر» كي تبقى إلى جانب الصغيرة وتتجنّب «كلام الناس» في آنٍ واحد. مسار تطوّر الأحداث هنا قد يكون متوقعاً. يرجّح أن تقع الصبية في غرام الرجل الجذاب مع الوقت. تأخذنا أحداث «أمير الليل» إلى زمن الانتداب الفرنسي للبنان، وتحديداً إلى أواخر الثلاثينيات، ويجول بنا في قصور الأمراء وبيوت القُرى التي تضجّ بقصص المجتمع المخملي، وحكايات الحب، والوطنيّة، والصراع الطبقي، والفساد.
الأخطاء رافقت المسلسل منذ الحلقة الأولى، وتنوّعت بين الإخراج كالنظارات الشمسية الحديثة التي ارتداها رامي عيّاش وبيتر سمعان، والحقائق التاريخية كموعد افتتاح مطار بيروت رسمياً وعدد المفوّضين السامين الذين دخلوا لبنان حتى ذلك التاريخ. وهناك تفاصيل خاطئة على شاكلة استخدام موسيقى أغنية «أنا في انتظارك» (كلمات بيـرم التونسي وألحان زكريا أحمد) التي غنّتها أم كلثوم عام 1943.
في المقابل، برز الحرص على تجنّب الصعوبات الإنتاجية التي تواجه مسلسلات مماثلة، فيلجأ المخرج إلى المشاهد الداخلية والكادرات الضيّقة، من دون أن ننسى نجاحه في اختيار مواقع تصوير خارجية جميلة تبرز الطبيعة اللبنانية، إضافة إلى الديكورات والملابس الفخمة والسيارات والأكسسوارات التي تضع المشاهد في قلب الحياة الأرستقراطية في تلك الحقبة.
وفيما يعاني العمل الذي لا يعتبر أفضل ما كتبته صاحبة «وأشرقت الشمس» من رتابة وإيقاع بطيء، يعد القائمون عليه بتطوّرات متسارعة خلال الفترة المقبلة بعد زواج «عمر» و«فرح».
على صعيد التمثيل، لا تقدّم داليدا خليل حتى الآن أفضل ما لديها، فيما يؤخذ على رامي عيّاش ضعف قدراته التمثيلية. تعابير وجهه قلّما تتغيّر مع تبدّل المواقف وردود الأفعال. أما الأردنية ميس حمدان، فمواظبة على أدائها الطبيعي والجميل كالعادة. في شخصية المطربة المصرية «ناريمان» التي تغنّي في النادي الذي يرتاده «البرينس»، تنجح حمدان في تصوير المرأة الجذابة المغرومة حتى النخاع بأرستقراطي مدمن للمقامرة يُدعى «فارس» (بيتر سمعان). يعيش «فارس» مع «ناريمان» في المنزل نفسه وعلى نفقتها الخاصة في معظم الأحيان، غير أنّه يرفض الزواج بها لأنّها من طبقة مختلفة! في هذا الدور، تذكرنا ميس بصوتها الجميل وقدرتها الكبيرة على الغناء. في المقابل، لا يخرج بيتر سمعان من إطار تعابيره المبالغة التي تصل غالباً إلى حدّ التصنّع.
ولعلّ نجمي العمل بلا منازع هما حموا الأمير «عدلي» (أسعد رشدان) و«سوسن» (هيام أبو شديد)، اللذان يقدّمان أداءً متماسكاً ويضفيان الكثير من خفّة الظل. في بداية زواجه، عاش «عدلي» حياة متواضعة قبل أن يصبح ثرياً، أما «سوسن» فتعشق الحياة الفارهة. إنّها نموذج للمرأة السطحية العاشقة للمظاهر. فهي لا تهتم إلا بلعب الورق مع «الستات»، ولا تُمانع أن يكون لصهرها علاقات نسائية إذا كانت مع سيّدات من الطبقة المخملية، لا مع «أرتيستات»!

*«أمير الليل»: من الأحد إلى الأربعاء ـــ بعد نشرة الأخبار المسائية على lbci