في مثل هذه الأيام قبل سنة، «بشّرتنا» صحيفة «لوريان لو جور» ــ تبعاً لمصادر مقرّبة من عائلة كبير العملاء أنطوان لحد ــ بأنّ الأخير سيدفن في مسقط رأسه في قرية «كفر قطرة» الشوفية. ذكّرتنا الصحيفة الفرنكوفونية بسيرته التي أسبغت عليها طابعاً إنسانياً مشبوهاً، وأخبرتنا أن لحد متحدّر من «عائلة مارونية وحاصل على ديبلوم من الأكاديمية العسكرية اللبنانية». هكذا، اختارت الصحيفة أن تسقط التاريخ الدموي لأنطوان لحد، جاعلةً من محاولة اغتياله على يد المناضلة سهى بشارة مناسبةً للقول إنّ الرجل أصيب «إصابة بالغة»، وشلّت يده اليسرى. المقال الفاقع الذي نشر، لم يكن منقطع السياق عن سياسة تحريرية باتت الصحيفة تنتهجها، ضاربة عُرض الحائط بكل القواعد المهنية والأخلاقية، أو حفظاً لماء وجهها في الترويج الفاضح للعدو الإسرائيلي ولعملائه.
تحسر المقال على بيريز بوصفه «آخر الأحياء من الجيل المؤسس للكيان»
ومنذ فترة، تحرض «لوريان لو جور» على الاستنساخ الحرفي عن أخبار الوكالات الأجنبية، على رأسها AFP، من دون أن تجري أي غربلة أو تعديل يتوافق مع الأخلاقيات الإعلامية في لبنان. على سبيل المثال، نقلت في أيار (مايو) الماضي، تحقيقاً كاملاً منشوراً في الوكالة الفرنسية، نقلته بدورها عن صحيفة «إسرائيل تايمز» الصهيونية، يتحدث عن «مثليين» تحدوا مجتمعاتهم، مشيداً بـ «ريادة إسرائيل في مجال حقوق المثليين». فضلاً عن ذلك، وضع التحقيق المذكور الفلسطينيين والصهاينة في كفة واحدة، وهذا لم ينسحب تعديلاً ولو حرفاً واحداً لدى الصحيفة اللبنانية.بعد أربعة أشهر على هذا المقال المخزي، تعود «لوريان لو جور» من بوابة صحة رئيس وزراء الأسبق للكيان العبري شمعون بيريز، عبر مقال نشر أمس يتبنى بالكامل ما ورد في «وكالة الصحافة الفرنسية». «الحالة الصحية لصاحب نوبل للسلام شمعون بيريز، تتحسن، لكنها تبقى حرجة»! تصدّر هذا العنوان الصحيفة اللبنانية، قبل أن تقع العين على مصطلح «إسرائيل» في متن المقال، ويبدأ بعده السرد المفصّل لصحة مهندس مجزرة قانا (1996) من قبل مدير مستشفى «تل هشومير»، حيث يقبع بيريز في العناية الفائقة، بسبب جلطة دماغية. يمرّ المقال على «الصدمة» التي مني بها الكيان العبري وحالات «التعاطف» الكبيرة التي حدثت بعد إدخال بيريز إلى المستشفى. المقال وصف رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق بـ «الشخصية الأكثر احتراماً في إسرائيل، وفي الخارج»، وتحسّر عليه لكونه «آخر الأحياء من ضمن الجيل المؤسس للدولة العبرية»! أكثر من ذلك، يرينا هذا المقال الجزء «المتسامح» من بيريز، عندما وقّع اتفاقية «أوسلو» (واشنطن-1993)، وصافح ياسر عرفات، رغم أن الأخير كان يصف بيريز بالإرهابي وفق ما جاء في المقال.
لم تستح الصحيفة اللبنانية من إعادة نقل كل هذا الفحوى الفاقع، والمشين عن جزّار صهيوني عتيق، بتخصيص هذه المساحة لإعادة نشر مقال يندرج ضمن البروباغندا الغربية المتحالفة مع «إسرائيل». لم يسأل المحرر نفسه، عن فائدة هذا النشر ولمصلحة مَن يندرج. لم يسأل القائمون على الصحيفة أنفسهم عن القواعد المهنية والأخلاقية التي تحكم عملهم، فكيف إذا كان هذا الخرق متعلقاً مباشرة بالعدو الذي كان على رأسه بيريز الذي جزّر بأطفال قانا ولبنان، وبالفلسطينيين على حد سواء؟!