عمل يكرّس «نيتفليكس» منتجاً من الدرجة الأولى للأعمال الدراميّة عن التاريخ المعاصر
بالطبع، فإن نجاح الموسم الأول من «ناركوز»، دفع «نيتفليكس» إلى الاستثمار في جزء ثان من عشر حلقات، سيذاع كاملاً في الثاني من أيلول (سبتمبر) الحالي، مغطياً الأشهر الـ 15 الأخيرة من حياة إسكوبار المهنية. يبدأ الموسم الجديد من حيث انتهى الأول: بابلو في سجنه الفخم الذي بناه بنفسه، يتعرض لهجوم من آلاف الجنود الكولومبيين وقوات النخبة المدعومين بالمروحيات والكلاب البوليسية وتوجيهات المخابرات الأميركية. وينتهي بمقتله الدراماتيكي في نهاية ١٩٩٣. وكما أحداث الموسم الأول التي كانت متوقعة لمن يعرفون تاريخ بابلو، فإن أحداث الجزء الثاني كلها متوقعة بما فيها مقتل بابلو. ربما الاستثناء الوحيد سيكون في معرفة ما قرّر المخرجان تبنيه في موضوع تحديد من أطلق الرصاصة الأخيرة على بابلو، إذ تقول المصادر الأميركية إنّ جندياً من القوات الخاصة الكولومبية هو الذي أطلق عليه النار، بينما سرديّة فقراء كولومبيا تقول إنّ الرجل لما اكتمل حصاره وتيقن من سقوطه في يد مطارديه، أطلق النار على نفسه، وهو الذي نقل عنه قوله المشهور «قبر في كولومبيا خير من سجن في أميركا».
شائعات هوليوود تقول إنّ «نيتفليكس» لن تفرّط بنجاح خارق مثل «ناركوز» بسهولة، وأن هناك محاولات جديّة لتقديم موسم ثالث وأخير. لكن لا أحد يعرف علامَ سيعتمد المسلسل إن غاب عنه بابلو إسكوبار أو واغنر مورا، لا سيما أنّ تجار المخدرات الكولومبيين الذين أداروا الأعمال بعد بابلو، كانوا مجرمين قساة ذوي شخصيات باهتة، ولم يقدموا للفقراء شيئاً كما فعل بابلو الذي تطوبه القطاعات الشعبية في كولومبيا قديساً.
«نيفليكس» فهمت أن سر نجاح «ناركوز» الأول كان الحضور العبقري لواغنر مورا في دور بابلو. لذا، قد يلحظ مشاهدو الموسم الثاني تكثيفاً لحضوره على الشاشة على نحو يجعل من كل الشخصيات الأخرى مجرد كومبارس، بما فيها شخصية (البطل) الأميركي المرسل من وحدة مكافحة المخدرات الأميركية ستيف ميرفي (يقدمها الممثل بويد هولبروك) وزميله المحقق الكولومبي خافيير بيننا (يقدمها الممثل بيدرو باسكال). حتى حملة المطاردة شديدة العنف التي تغطي الحلقات الثلاث الأولى من الموسم الثاني ويقودها الكولونيل هوراثيو كارريو (يقدمها الممثل موريس كومبتي)، لا يسمح لها أن تتطور درامياً لتوازن الحضور الطاغي لشخصية بابلو المسيطرة على وقت العرض، وهي تختفي تماماً بعد الحلقة الثالثة.
وبينما كان الموسم الأول حاسماً في السيطرة على تدفق الأحداث زمنياً على نحو يسيطر بشكل تام على حواس المشاهد، فإن بعض النقاد قد تحدثوا عن بطء غير مألوف في بعض حلقات الموسم الثاني، بخاصة في المقاطع التي لا يكون بابلو فيها حاضراً: مثلاً عندما يجتمع السياسيون الكولومبيون، وكذلك عندما يجتمع بارونات المخدرات لمناقشة ماذا يمكنهم أن يفعلوا بشأن بابلو. وهذا ربما يكون مفهوماً بالنظر إلى أنّ معظم الأحداث الرئيسة في حياة بابلو بما فيها محاولاته دخول معترك العمل السياسي، وأيضاً الهجوم الجريء على قصر العدل، كلها غُطّيت في الموسم الأول، فلم يتبقَّ الكثير من الأحداث لتغطيته في عشر حلقات كاملة باستثناء وقائع الأيام الأخيرة قبل مقتله.
إذن «ناركوز» في عشر حلقات جديدة بدءاً من الغد، ستشهد في نهايتها سقوط بابلو - روبن هود كولومبيا - شهيداً، وصعود واغنر موراً - المتألق في دور بابلو - نجماً عالمياً، وتكريس «نيتفليكس» منتجاً من الدرجة الأولى للأعمال الدراميّة عن التاريخ المعاصر.
* الجزء الثاني من Narcos: بدءاً من الغد على «نيتفليكس»